نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
هل لا يزال "داعش" خطراً على سوريا الجديدة؟ - شبكة جدة الإخبارية, اليوم الأربعاء 25 يونيو 2025 11:30 صباحاً
هل انتصرت الولايات المتحدة في حربها على "داعش" في سوريا؟ وهل أصبحت جاهزة لإعلان الانتصار؟ يجيب باحث جدّي في مركز أبحاث أميركي بأن "تنظيم الدولة الإسلامية" (داعش) نجح للمرة الأولى في ضرب السلطة السورية الجديدة بسيارة مفخخة استهدفت مركزاً أمنياً في بلدة ميدان الشرقية في 18 أيار/مايو الماضي، وتسبّبت بقتل خمسة أشخاص. بغض النظر عما إذا كان الهجوم مقصوداً أو لا، فإنه تزامن مع تطورات مهمة في الملف السوري. إذ وقع بعد يوم واحد من اشتباك القوات الحكومية مع خلية تابعة لـ"داعش" في حلب، وفي أول مكمن من نوعه منذ آذار/مارس الماضي، بعد أقل من أسبوع على لقاء الرئيس ترامب والشرع في الرياض. وقد حصل بعد بدء انسحاب القوات الأميركية من سوريا منتصف نيسان/أبريل الماضي. علماً أن تنظيم "داعش" في سوريا لم يعد بالقوة التي كان عليها. إلا أن المؤشرات تُظهر استمرار تهديده بدرجة لا يمكن تجاهلها.
ففي كانون الأول/ديسمبر الماضي أعلن مسؤولوه عن 33 هجوماً خلال العام الجاري. وإذا استمر على الوتيرة نفسها فسيكون مسؤولاً عن 89 هجوماً خلال العام بأكمله. ويحمل موضع هذه الحوادث دلالات مهمة. إذ حصلت في مناطق خاضعة لـ"قوات سوريا الديموقراطية" (قسد) ذات القيادة الكردية المدعومة من الولايات المتحدة. علماً أنها تخوض معركة واعدة لم تكتمل بعد لدمج قواتها بالجيش السوري حتى مع انسحاب القوات الأميركية.
طبيعي أن يستغل "داعش" هذا الوضع لزعزعة الاستقرار أو ملء الفراغ.
ماذا تفعل السلطات السورية الجديدة في الواقع المشروح أعلاه؟ تواصل المعركة التي تخوضها مع تنظيم "داعش" منذ سنوات، ويوم كانت "جبهة النصرة" ثم أصبحت "هيئة تحرير الشام". وقد أحبطت بعدما صارت حاكمةً لسوريا مخططاً لـ"داعش" يهدف إلى إثارة التوترات الطائفية عبر تفجير ضريح السيدة زينب في ضواحي دمشق.
ذكرت تقارير استخبارية أن الولايات المتحدة قدمت معلومات استخبارية عن هذا المخطط للسلطة الجديدة في دمشق، في اختبار مُبكر للتعاون الثنائي في مكافحة الإرهاب. وقد اعترف المشتبه فيهم بأنهم كانوا يخططون لتنفيذ هجوم بسيارة مفخّخة على كنيسة في بلدة معلولة يوم رأس السنة الجديدة، ولاغتيال الرئيس الشرع إذا زار السيدة زينب بعد الهجوم الفاشل عليها.
في 15 شباط/فبراير الماضي اعتقلت السلطات السورية "أبو حارس" العراقي أحد قادة "داعش" في "ولاية العراق" لدوره في مؤامرة السيدة زينب الفاشلة. وكان شارك سابقاً في قتل زعيم "هيئة تحرير الشام" "أبو مريم" القحطاني في نيسان/أبريل 2024. واعتقلت مديرية الأمن العام خلايا تابعة لـ"داعش" في محافظة درعا في 18 شباط/فبراير الماضي وبلدة الصنمين في 6 آذار/مارس. ولكن في الأيام القليلة الماضية بدا الوضع هادئاً داخل أراضي سيطرة الحكومة. وخلال عملية دهم في حلب في 16 أيار/مايو، فجّر عنصر من "داعش" نفسه واعتُقل أربعة آخرون وقُتل ثلاثة من أفراد الحكومة. ولقي المزيد من قوات الأمن حتفهم في تفجير بلدة الميادين في اليوم التالي.
وشنّت "قسد" من جانبها نحو 30 عملية اعتقال في العام الجاري لعناصر من "داعش" في الشرق. وهو عدد مرتفع رغم أنه أقل من الأعوام السابقة.
يدلّ ذلك في رأي الباحث نفسه على أن عمليات "داعش"، رغم تراجعها الكبير، لا تزال قادرة على إحداث اضطرابات كبيرة وخصوصاً في الفترة الانتقالية الحسّاسة لسوريا. لذا لدى واشنطن أكثر من سبب لعدم سحب قواتها بالكامل من سوريا في انتظار استكمال دمج "قسد" في الجيش السوري وتأسيس حملة رسمية ومنظمة لمكافحة "داعش"، ويتطلب ذلك حض الأكراد ودمشق على المضي قدماً في تنفيذ الاتفاق على سيطرة الحكومة المركزية على محافظة دير الزور معقل "داعش"، بما يمنعها من استغلال الفجوات بين منطقتي السيطرة. فضلاً عن أن عدم اكتمال الاندماج الإداري في الشمال الشرقي يزيد خطر محاولة "داعش" مرة أخرى تحرير 9 آلاف مقاتل معتقل وآلاف آخرين من أفراد أُسرهم وأنصارهم في مراكز احتجاز "قسد". وبعض هؤلاء رعايا أجانب.
تستطيع واشنطن المساعدة في الحد من هذا الخطر لمواصلة الضغط على الدول من أجل إعادة مواطنيها المحتجزين. وما يعقّد المشكلة هو دعوة "داعش" في نشرتها الإخبارية "النبأ" قبل أسبوع أو أكثر مقاتلي "هيئة تحرير الشام" غير الراضين عن سياسة الحكومة الجديدة في دمشق إلى الانشقاق.
في اختصار، رغم الضعف الحالي لـ"داعش"ـ فإن استبعاد الخطر الذي يشكّله هذا التنظيم سيكون خطأً فادحاً، كما أن اتخاذ أميركا سياسات أو قرارات على المدى القريب استناداً إلى هذا الافتراض سيكون خطأً فادحاً أيضاً. آخر دليل على ذلك تفجير إرهابي انتحابي "داعشي" نفسه في كنيسة أرثوذكسية في دمشق قبل أيام قليلة.
0 تعليق