نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بيان 3 يوليو ونهاية وهم المرشد - شبكة جدة الإخبارية, اليوم الأحد 6 يوليو 2025 12:40 صباحاً
المصريون أثبتوا أن الدولة لا تُدار بمنطق التنظيم.. ولا تحكمها فتاوى الولاء.. ولا وصاية فوق إرادة الشعب
"كهنوت" الإخوان الإرهابية مضى بلا رجعة وبيان الحسم رسم ملامح الجمهورية الجديدة.. ولا مجال للعودة إلى منطق "مكتب الإرشاد"
لم يكن 3 يوليو 2013 مجرد بيان سياسي ينتظره المصريون ليعرفوا مصيرهم مع حكم جماعة الإخوان الإرهابية، فقد كان لحظة فارقة أنهت فصلًا كاملاً من وهمٍ تكرّس لعقود، عنوانه: "المرشد الحاكم"، فمع إعلان القائد العام للقوات المسلحة، عبد الفتاح السيسي – في ذلك التاريخ- خارطة الطريق الجديدة، بدا أن مصر قد اختارت بوضوح أن تخلع عنها تجربة الحكم تحت وصاية جماعةٍ كانت تؤمن بأنها "فوق الدولة"، وتتصرف كما لو أن شرعيتها لا تُراجع، ولا تُسائل.
وقبل هذا اليوم، كانت مصر تعيش عامًا مشحونًا بالتوتر والانقسام، تجربة جماعة الإخوان المسلمين في الحكم، لم تتحول إلى لحظة بناء ديمقراطي، بل إلى مشروع سيطرة يستند إلى سردية "الشرعية المطلقة" التي لا ترى في الشارع إلا فتنة، ولا تسمع إلا صوت التنظيم، وخلف واجهة مؤسسة الرئاسة، كانت سلطة القرار الحقيقية تُدار من مكتب الإرشاد، حيث المرشد ونوّابه هم من يرسمون المسار، ويوجّهون الدولة كما تُدار الجماعة: بمنطق "السمع والطاعة".
وفي الشارع، لم يكن الهتاف ضد محمد مرسي وحده، بل ضد فكرة أن يحكم مصر من لا يؤمن بالدولة الوطنية الحديثة.. شعار «يسقط حكم المرشد» لم يكن غضب لحظي، بل إعلان قطيعة شعبية مع مشروعٍ حاول فرض وصايته باسم الدين والتنظيم معًا، ليأتي بيان 3 يوليو ليترجم هذا الرفض إلى واقع، ويعلن بوضوح: لا وصاية فوق إرادة الشعب، ولا شرعية لمن يحتقر قواعد الدولة لصالح هياكل الجماعة.
مشروع الإخوان ورحلة السيطرة على الدولة
لا بد من التذكير أن صعود جماعة الإخوان الإرهابية إلى السلطة بعد ثورة يناير لم يكن مجرد تطور سياسي طبيعي، بل لحظة كاشفة عن مشروع طويل الأمد كانت الجماعة تُعدّ له في الخفاء، فمنذ عقود، عملت على التغلغل في مفاصل المجتمع المصري، لا بوصفها تيارًا فكريًا فقط، بل كتنظيم يسعى لبناء دولة داخل الدولة: في التعليم، والإعلام، والنقابات، والمؤسسات الدعوية؛ لكن حين جاءت لحظة اختبار الحكم، ظهر الوجه الحقيقي لهذا المشروع: سلطة ذات طابع استحواذي، ترى نفسها فوق القانون والدولة معًا.
ففي 2012، وصل محمد مرسي إلى رئاسة الجمهورية مدعومًا بكتلة إخوانية مهيمنة على البرلمان، وسرعان ما ترجم ذلك التفوق السياسي إلى هندسة دستورية تستبعد خصوم الجماعة، فتمت صياغة دستور من لون واحد، وتُركت القوى المدنية على الهامش، ثم جاء الإعلان الدستوري في نوفمبر 2012 ليلغي فعليًا دور القضاء، ويمنح الرئيس سلطات مطلقة، مكرّسًا مبدأ "الشرعية التي لا تُناقش"، ليكون هذا الإعلان بمثابة نقطة الانفجار، وأعاد إلى الأذهان مشهد الحكم الفردي بثوب ديني.
وفي الخلفية، ظل "مكتب الإرشاد" يمارس دور الحاكم الفعلي. كانت التعيينات في مؤسسات الدولة، من الوزراء إلى المحافظين، تمر عبر بوابة التنظيم، لا الدولة، ووفق شهادات من داخل منظومتهم الإعلامية، فقد اعتمدت الجماعة على استراتيجية "المظلومية المصنعة" لتبرير كل قرار وامتصاص الغضب الشعبي. من يرفضهم عدو للثورة، ومن يعارضهم مأجور.
لكن الواقع كان أكثر فجاجة من الدعاية: تفكيك ممنهج لمؤسسات الدولة، اختراق للجهاز الإداري، تهميش للمعارضة، وتغوّل على الحريات، وبهذا شعر قطاع واسع من المصريين أنهم أمام مشروع لا يؤمن بفكرة الدولة الوطنية، بل ينظر إليها كغنيمة يجب السيطرة عليها، ومع تزايد القلق الشعبي، برزت مخاوف حقيقية من تأسيس حكم يقوده المرشد من الظل، ويُدار باسم "الشرعية" من قصر الاتحادية.
الشارع قبل البيان: غضبٌ شعبي متصاعد
لقد كانت ثورة المصريين في 30 يونيو 2013 لحظة انفجار مكتملة الأركان، سبقتها شهور من الغليان الشعبي والنقمة المتصاعدة على حكم جماعة الإخوان الإرهابية، فبعد عام واحد من تولّي محمد مرسي الرئاسة، بدت مصر وكأنها على حافة الانهيار السياسي والاجتماعي، وسط تراجع اقتصادي، استقطاب حاد، واستقواء متزايد للتنظيم الحاكم على مؤسسات الدولة.
وأطلقت حملة "تمرد" شرارة الاحتجاج، وجمعت توقيعات تجاوزت 22 مليونًا تطالب بسحب الثقة من مرسي والدعوة لانتخابات مبكرة، وفي أول أيام 30 يونيو، امتلأت الميادين بملايين المصريين، من كل الفئات والتيارات: شباب ثورة، قوى مدنية، إسلاميون من خارج عباءة الجماعة، وأقباط قلقون من مستقبل الدولة تحت مظلة "المشروع الديني"، ومصريون بلا توجه واضح، وحزب الكنبة، حيث كانت الشعارات حاسمة وواضحة: "يسقط حكم المرشد"، "الشعب يريد إسقاط النظام"، و"ارحل".
وبينما اتسمت احتجاجات المعارضين بالسلمية، شهدت بعض المناطق احتكاكات واشتباكات، خاصة مع تصاعد التوتر بين المعتصمين في الشوارع وعناصر الإخوان، ففي الوقت الذي أصر فيه الإخوان على التمسك بـ"الشرعية الانتخابية"، رد الشارع بأنه لا شرعية بدون مشروعية شعبية، واعتبر التمسك بالرئاسة رغم الرفض الشعبي خيانة لفكرة الديمقراطية نفسها.
ونظم أنصار مرسي اعتصامات مضادة في مدينة نصر ومحيط قصر الاتحادية، ورفعوا شعارات التحدي ورفض العزل، لكن أعدادهم بدت محدودة أمام المد الشعبي الجارف. سقط قتلى وجرحى من الجانبين، وبدأت بوادر العنف في التسلل إلى المشهد، وتزامن ذلك مع تصعيد سياسي: استقالات من نواب وقادة أحزاب، بيانات من الكنيسة والأزهر تطالب بتغليب المصلحة الوطنية، وارتباك واضح داخل مؤسسة الرئاسة التي بدت عاجزة عن احتواء الموقف.
في ذلك المشهد، لم يعد الخلاف حول مرسي كشخص، بل حول طبيعة الدولة ذاتها: هل يحكمها رئيس منتخب خاضع للدستور أم تنظيم يرسم مسارها من مكتب الإرشاد؟ وكانت الإجابة من ملايين المصريين واضحة: لا لحكم المرشد، نعم لدولة مدنية تستند إلى إرادة شعبية حقيقية.
صياغة البيان ومضمونه السياسي: تفكيك شرعية الوهم
في مساء الأول من يوليو 2013، أعلنت القوات المسلحة مهلة 48 ساعة أمام جميع القوى السياسية لحل الأزمة المتصاعدة، مشيرة إلى أن الانفجار الشعبي بات يتطلب استجابة حاسمة، جاء الرد من الرئيس محمد مرسي في خطاب متلفز مطول، كرر فيه عبارة "الشرعية الدستورية" عشرات المرات، متمسكًا بموقعه رغم اتساع رقعة الرفض الشعبي، تلك الليلة كانت حاسمة: بدا أن النظام يراهن على الوقت، فيما كانت الشوارع تطالب بالحسم.
في اليوم التالي، دعت القوات المسلحة إلى اجتماع ضم رموزًا دينية ووطنية وقيادات من الحراك الشعبي (باستثناء الإخوان الذين رفضوا المشاركة)، وحضر شيخ الأزهر أحمد الطيب، البابا تواضروس الثاني، الدكتور محمد البرادعي، ومحمود بدر مؤسس حملة "تمرد"، إلى جانب ممثلين عن الجيش وصحفيين بارزين. الهدف كان واضحًا: التوافق على خارطة طريق تُخرج البلاد من مأزق الشرعية المعلّقة.
في المساء، تلا الفريق أول عبد الفتاح السيسي بيان القوات المسلحة، البيان لم يكن عسكريًا بقدر ما كان إعلانًا سياسيًا- مدنيًا بصياغة دقيقة، تتداخل فيها اللغة الوطنية مع القانونية والدستورية، تبدأ بـ"بسم الله الرحمن الرحيم" وتنتهي بتحذير واضح من الانزلاق للعنف. استخدم البيان مفردات مفصلية مثل "إرادة الشعب"، "وحدة الصف"، و"الخدمة العامة"، ليؤكد أن الجيش لا يتطلع للسلطة، بل يستجيب لمطالب شعبية تطلبت التدخل.
وتضمن البيان خطوات تنفيذية واضحة، أهمها:
1. تعليق العمل بالدستور مؤقتًا.
2. تكليف رئيس المحكمة الدستورية (عدلي منصور) برئاسة انتقالية.
3. تشكيل حكومة كفاءات مستقلة.
4. مراجعة شاملة للدستور بمشاركة جميع التيارات.
5. الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة.
كانت الرسالة السياسية واضحة: نهاية حكم الإخوان ليس فقط عبر عزل مرسي، بل بإعادة تعريف مسار الدولة على أسس جديدة/ إسقاط دستور 2012، وتعيين قاضٍ رئيسًا مؤقتًا، أعادا مركز الثقل للمؤسسات الوطنية بعيدًا عن منطق "الشرعية المقدسة" الذي روّج له الإخوان، كما جاء تحذير الجيش من العنف ليؤكد التزامه بالسلمية، ويفتح المجال لحل مدني يتجنب الانجرار للفوضى.
لقد حمل البيان في جوهره قطيعة مع المشروع الإخواني، ورسّخ مبدأ أن الدولة المصرية لا تُدار بمنطق التنظيم، ولا تحكمها فتاوى الولاء للمرشد، كان إعلانًا رسميًا بنهاية "وهم الحاكمية"، وبداية لمرحلة انتقالية تضع الشعب في مركز القرار.
ما بعد البيان: الحسم في مواجهة الفوضى
مع صدور بيان 3 يوليو، تحركت الدولة المصرية لحماية الأمن القومي ومنع الانزلاق إلى الفوضى، إذ لم تكد تمر ساعات على إذاعة البيان حتى بدأت الجماعة المحظورة وأنصارها في التحريض على الفوضى والاحتراب الأهلي، فاندلعت اشتباكات في عدد من المحافظات، وسُجلت أعمال عنف متفرقة ضد مواطنين ومقار شرطية، جاءت تلك الأحداث لتؤكد صواب تقدير مؤسسات الدولة بأن الجماعة لم تكن مستعدة للتخلي عن السلطة بطرق سلمية.
وعلى الفور تبنّت بعض الفصائل المتطرفة التي خرجت من رحم الإخوان خطابًا تصعيديًا، وتحوّلت الاعتصامات المؤيدة لمرسي إلى بؤر مسلحة، كما في رابعة العدوية والنهضة، ففي المقابل، كانت الدولة تتحرك وفق خارطة طريق واضحة: استعادة مؤسسات الدولة، حماية السلم الأهلي، وإنهاء مشروع "المرشد الحاكم" الذي ثبتت خطورته على بنية الدولة المدنية، فجاء قرار حظر جماعة الإخوان في سبتمبر 2013 خطوة حاسمة لمنع عودتها للمشهد، وتلاها تصنيفها رسميًا كجماعة إرهابية في ديسمبر من العام نفسه، بعد تصاعد الهجمات المسلحة التي استهدفت الجيش والشرطة.
وعلى المستوى القضائي، بدأت إجراءات محاسبة المتورطين في التحريض على العنف، فتمت إحالة قيادات الجماعة إلى المحاكمة، وفي مقدمتهم محمد بديع وخيرت الشاطر، وذلك في إطار احترام سيادة القانون، وهو ما تزامن ذلك مع تأييد شعبي واسع للخطوات الأمنية، واحتفاء إعلامي بخروج مصر من "نفق الإخوان" إلى مرحلة استعادة الدولة.
لقد مثّل ما بعد البيان لحظة حسم لا رجعة فيها، فلم يكن مجرد عزل المرشد، بل إنهاء مشروع جماعة حاولت تفكيك الدولة من الداخل، فكان الرد حازمًا: مصر دولة مؤسسات، لا مجال فيها لحكم التنظيمات أو العودة لمنطق "المرشد الحاكم".
التأثير الإقليمي والدولي لسقوط الإخوان
مثّلت ثورة 30 يونيو وبيان 3 يوليو 2013 نقطة تحوّل فارقة في معادلات المنطقة، تجاوزت حدود الجغرافيا المصرية، فقد رأت دول عربية مؤثرة أن ما جرى في القاهرة لم يكن مجرد انتقال سياسي، بل لحظة استعادة للدولة الوطنية من مشروع عقائدي كان يهدد بتفكيك مؤسساتها، وعبّرت عواصم إقليمية كبرى عن دعمها العلني للمسار الجديد، مؤكدة أن الحفاظ على استقرار مصر ضرورة أمن قومي عربي. وتدفقت رسائل التهنئة والدعم السياسي، أعقبتها مساعدات اقتصادية عاجلة هدفت إلى تثبيت أركان الدولة، وتوفير غطاء إقليمي للمرحلة الانتقالية.
أما على المستوى الأعمق، فقد كان لبيان 3 يوليو تأثير مدوٍ على مشروع "الإسلام السياسي" في الإقليم. انحسر الزخم الذي صاحب موجات "الربيع العربي"، وتراجعت رهانات تصدير نماذج الحكم العقائدي عبر الانتخابات، بعد أن كشفت التجربة المصرية حدود هذا المشروع وافتقاره لأدوات الدولة الحديثة. وبدا أن كثيرًا من الشعوب والدول قد استوعبت الدرس: لا دولة بلا مؤسسات، ولا شرعية دائمة لتنظيم لا يؤمن بالدولة.
وقد مثّل ما جرى في مصر نموذجًا لما يُعرف بـ"ردع الإسلام السياسي عبر التجربة الواقعية"، حيث أظهر للعالم أن مشروع الحكم الأيديولوجي القائم على الولاء للتنظيم وليس للدولة لا يصمد أمام اختبار المسؤولية أو ضغط الشارع، فخلال عام واحد، انتقل الإخوان من خطاب المظلومية إلى موقع المسؤولية، ثم إلى مأزق الفشل والعزلة، وتجربة مصر أصبحت منذ ذلك الحين مرجعًا يُستند إليه في تحليل أسباب تعثّر مشاريع مماثلة في دول أخرى، خاصة تلك التي تصدّرت فيها تيارات دينية المشهد الانتقالي دون أن تمتلك تصورًا متماسكًا لإدارة الدولة أو احترام التعددية الوطنية.
كما عززت اللحظة المصرية – من وجهة نظر كثير من الدوائر الرسمية – مشروعية ما سُمّي لاحقًا بـ"تحصين الدولة الوطنية"، أي أولوية استقرار الكيان السياسي والمؤسسات السيادية على أية مغامرات شعبوية أو تجريبية قد تجرّ البلاد نحو التفكك، وهنا برزت مصر كقوة إقليمية ذات تجربة استثنائية: لم تسقط في الفوضى، ولم تستسلم لحكم التنظيم، بل استعادت مؤسساتها، وفرضت مسارًا انتقالياً انطلق من الشعب، ومرّ عبر الجيش، ووصل إلى دولة قوية تُعيد تعريف أولويات الحكم والإصلاح.
سقوط وهم المرشد ومضى الإخوان بلا رجعة
بعد أكثر من عقد على بيان 3 يوليو، تتأكد ملامح التحول الجذري الذي أحدثته تلك اللحظة في بنية الدولة المصرية والوعي الجمعي للمجتمع. فقد سقطت مقولة "الشرعية المطلقة" التي رفعتها جماعة الإخوان لسنوات، وانهار معها وهم "المرشد الحاكم" الذي ظنّ أنه قادر على تجاوز مؤسسات الدولة والدستور بإرادة تنظيمية مغلقة. بحلول عام 2025، لم تعد الجماعة تملك وزنًا سياسيًا فعّالًا داخل مصر، سواء على مستوى التنظيم أو الحضور الشعبي. بقيت كياناتها محظورة، وقياداتها خلف القضبان أو في عزلة تنظيمية في الخارج، وأُغلقت أمامها كل قنوات العودة للمشهد العام.
قانونيًا، ما زالت الجماعة مصنفة كمنظمة إرهابية داخل مصر وفي عدد من الدول العربية، وهو ما سحب منها شرعية العمل السياسي والمدني العلني. شعبيًا، لم يعد للشارع المصري استعداد للرهان على تنظيم ارتبط اسمه بالفوضى والعنف والانقسام. فقد رسخت السنوات التي تلت البيان قناعة عامة بأن الدولة المدنية، القائمة على القانون والدستور والمؤسسات، هي الطريق الوحيد لحماية الاستقرار وتحقيق التنمية. ولم تعد سردية المظلومية أو دعوات "استعادة الشرعية" تلقى صدى واسعًا، حتى في أوساط الشباب أو المحافظات التي كانت يومًا ما خزّانًا انتخابيًا للتنظيم.
تنظيميًا، عانت الجماعة من انقسامات داخلية حادة، وتفكك في شبكاتها الإعلامية والدعوية والمالية. اختفى حضورها من النقابات والجامعات، وتراجعت قدرتها على الحشد الميداني أو التأثير السياسي. أصبحت أقصى أدواتها بيانات متفرقة على منصات خارجية لا تجد من يصغي لها، وتحركات محدودة على شبكات التواصل لم تعد تُحرّك الشارع ولا تُقلق الدولة.
لقد أثبت بيان 3 يوليو أن شرعية الحكم لا تُنتزع بالشعارات، ولا تُحتكر باسم الدين، وأن الشعب المصري قادر على حماية دولته من مشاريع التمكين المغلقة. فسقط وهم "المرشد الحاكم"، وبقيت الدولة المصرية عصية على الاحتواء أو الاختطاف.
لقد تحوّلت تلك اللحظة المفصلية إلى درس سياسي عابر للأجيال، أعاد ضبط العلاقة بين الدين والسياسة، وبين التنظيم والدولة، على أسس واضحة لا تقبل التأويل أو الالتفاف. فالدولة المصرية، التي تجاوزت صدمة تلك المرحلة، دخلت بعدها مرحلة ترسيخ للمؤسسات، ومراجعة للهوية الوطنية، وإعلاء لمفهوم الانتماء للدولة لا للجماعة. واليوم، لا تُذكر تجربة الإخوان في الحكم إلا كتحذير صارم لما يمكن أن تفعله التنظيمات المغلقة حين تتوهم القدرة على وراثة الدول.
قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : بيان 3 يوليو ونهاية وهم المرشد - شبكة جدة الإخبارية, اليوم الأحد 6 يوليو 2025 12:40 صباحاً
0 تعليق