نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
"الفساد المُستَشري في ضمائرنا" - شبكة جدة الإخبارية, اليوم الاثنين 13 أكتوبر 2025 11:35 صباحاً
الاب ايلي قنبر
1."تعالَوا إلى كلمة سَواء"
في العالم، نجِد كثيرين يزرعون كلمة حُلوة وبنّاءة، "كلمة سَواء" في حياة عيرهم، أو ما يُسمّيه مُعاصِرونا "الطاقة الإيجابيّة". لِمَ الكلمة السَواء، وما هي فائدتها؟
جاء في القرآن الكريم: "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَآءِ* تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ... وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ". "أرأيت عظيم الكلمة الطيبة وأثرها واستمرار خيرها فهي تُثمر عملًا صالحًا كالشجرة التي تُثمر ثمراً نافعاً". ألَا "أضيئوا أرواح الناس بِطيب الكلام"!.
قَولَ الكلمة الطيبة فنٌّ لا يُحسِنه كثيرون، يرفع المعنويّات ويبني الجسور بين الناس ليَعبُروا إلى الوَصل الدائم. الكلمة الطيِّبة تُثير في النفوس التَحفيز والإلهام. كما أنّها تُحرِّك الثقة بالنفس وتُشعِل الهِمَمَ وتُشجِّع على التَفوُّق، "ممّا يجعلها قادرة على كَسر حدود المُستحيل وتَغيير مسار الحياة نحو الأفضل"، إلى أنّها تُزيل الهموم وتُبدِّد الأحزان، فتُريح النفوس وتقوِّيها على مُواجهة تحدِّيّات الحياة، ما يجعل المجتمع مكاناً أفضل وأكثر تناغماً.
على النقيض، "الكلمة السلبيّة تَهدم المشاعر وتُدمّر العلاقات، كَحدّ السيف الجارح الذي يَترك أثراً لا يَندمِل". إذ تُحبِط عزيمة المَرء وتزرع فيه اليأس، وقد تُحوِّله إلى شخص شرِس. وخَير دليلٍ إن ما يجري اليوم في العالم من خُصومات وعداوات... ليس إلا مُحَصِّلة "لِشَحِ ربيعِ الكلمةِ الطيِّبة".
2. إنّ اختيار الكلمة المناسبة فنٌّ، وهو دليل على النُضج والرُقِيّ.
يبِس الزرع "لأنّه لم يكن له أصل".
تحدّث يسوع يوماً عن الزَرع، قال: "سَقَطَ ٱلبَعضُ عَلى ٱلصَّخرِ، فَلَمّا نَبَتَ يَبِسَ لِأَنَّهُ لَم تَكُن لَهُ رُطوبَة"....
وفي مَعرِض تفسيره للمثَل، يرى الذهَبيُّ الفَم أنّ العِلة تكمُن في "مَن ترَك الأشواك تنمو بحُريّة" لتَخنق الكلمة. أي "في الأرض التي تَستقبل الزرع... في مدى استعداد قلوبنا" لتقبُّل الزرع. ويُشير أيضاً إلى أنّ يسوع يتحدّث عن "هموم العالم"، وعن "جاذبيّة الغنى"... عن "الفساد المُستَشري في ضمائرنا".
اللهُ "أَعمالُه كُلُّها صِدقٌ وَطُرُقُه ٱستِقامَة"، ولكن نحن البشر كيف نتعامل مع قيمةٍ كالصِدق والاستقامة؟ هناك بعضٌ غير قليل منّا ليس على وفاق معها. يندرج في خطِّهم أعدادٌ من المتحكِّمين بالذكاء الاصطناعيّ والإكليروس ورجال الدِّين والساسة والقضاة والإعلاميِّين ورجال ونساء الأعمال والعسكريِّين وسِواهم. الإشارة إليهم هي للتذكير بما يليق بالانسان وهُم عنه تائهون.
لِمَ يُمارس بعضنا الفساد؟ "الفساد مُستَشرٍ في ضمائرهم". عندما نَضرِب الضمير، نُطيح الإنسان، "كلّ إنسان وكلّ الإنسان". وبالرجوع إلى الدراسات التي تناولت الفساد، ماذا نجِد؟
الفساد ظاهرة معروفة في كلّ المجتمعات وتنتشر في غياب القيَم. وله آثار سلبيّة على الأفراد والجماعات، لا بل علــى التنميــة السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة، بحيث يُهدِّد المجتمعات بالجُمود وربَّمـا بالانهيار. الفساد خروج عما هو صالح، ومُـــضادّ للنزاهة، وهو أذى وسوء يَلحق بالناس من دون استثناء. أمّا الأذى فيكمُن في سلوكيّات منحرفة، مِثل:
- في السياسة: إساءة استعمال السلطة، المحسوبيّة، الرَشوَة، سرقة المال العامّ والخاصّ (المودِعين)، الابتِزاز، الاحتيال على القوانين، وحتّى إدِّعاء ما ليسَ فينا، أكان على مستوى الرؤساء المدَنيّين أو الدِّينيّين... إشارة: في العالم الثالث يكون الساسة بيادق في أيدي الاستعمار، يُحرِّكونها كيفَما وساعة يشاؤون، خصوصاً أنّهم ما "صُنِعوا محلِّيًّا". الخارج هوَ مَن يُقرِّر مصائر البلدان الحاضعة له.
- في التقانة: قرأتُ البارحة مقالة "تَروي كيف تحَوّل الحلم التكنولوجيّ إلى شبكةِ نفوذٍ مافيَويّة فاشيّة، تّحكم الاقتصاد والسياسة، وتّخوض حّربها الخاصة على الإنسان". نعم، "من خلف الكواليس، تشكّلت جبهة موحَّدة من أثرياء التكنولوجيا. يُموّلون السياسيّين اليمينيِّين، يشترون المِنَصّات، ويُعيدون كتابة الأخلاق الرقَميّة. يتَحدَّثون عن "الخطر الوُجوديّ" ويَقصدون الإنسان". ولأنّ "تبحث الثروة دوماً عن مبرِّر أخلاقي، لذلك صنعوا لاهوتاً جديداً. يتحدَّثون عن *الذكاء الاصطناعي الفائق ASI *كما يتحدَّث المؤمن عن إلهٍ يَعبده كمَن يراه، ويروِّجون لـ"المخلّص الرقَميّ" الذي سيُعيد ترتيب العالم حين يَنهار البشر تحت ثِقَل أخطائهم".
- في الدِّين: الخطاب الخشبيّ هوَ هوَ أمس واليوم. وإلى متى؟ مقارَنةً مع لغة التقانة، يسبَح رؤساء الكنائس في بحرٍ من الخشبيّة البائدة: يرى الرؤساء "ضرورة رصّ الصفوف... وأوصوا (لم يُقرِّروا وهُم الرؤساء) بتكثيف الجهد الرعائيّ والمشاركة الفاعلة للمؤمنين في شؤون الحياة الكنسيّة". كيف ومتى؟ ونادوا بـ"ضرورة التفاف رعاة الكنيسة وأبنائها لتشديد بعضهم البعض". مَن عليه أن يُشدِّد مَن في هذه المحنة؟ كما أخذوا عِلماً "بالأوضاع الحاليّة والمستقبليّة": كيف يعرفون المستقبل وهَم غائبون عن القرار السياسيّ، وخصوصاً أنّهم لا يَقرُبون التحطيط؟ يسأل د. بيرج طرابلسي: "أفيدونا# هل الكنيسة والطائفة والمؤسّسات التابعة قادرة على العمل التشارُكي والإنتاج ومُجاراة التغيُّرات والتحدّيّات، بعيداً من الشعارات والثرثرات والأمنيّات والروحانيّات الفارغة؟".
ختاماً، إذا "وقع الزرع في الأرض الجيِّدة"، إذا التزم الناس ذَوِو الإرادة الصالحة القيَم والمؤمنون أيضاً - لأنّهم"يسمعون الكلمة ويحفظونها في قلبٍ جيِّدٍ وصالِح" - يُثمر الجميع"بالصبر". هل هناك "مَن له أُذُنان للسماع"؟
قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : "الفساد المُستَشري في ضمائرنا" - شبكة جدة الإخبارية, اليوم الاثنين 13 أكتوبر 2025 11:35 صباحاً