نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
هل يعيد ترامب رسم خريطة الحرب في أوكرانيا؟ - شبكة جدة الإخبارية, اليوم الاثنين 13 أكتوبر 2025 11:35 صباحاً
تبدو تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخيرة حول الحرب في أوكرانيا وكأنها تفتح نافذة جديدة على مواقفه، لكنها في الواقع لا تخرج كثيراً عن سياسته المعهودة، استخدام أقصى درجات الضغط لتهيئة ظروف التفاوض. فالرجل الذي لطالما قدّم نفسه كصانع صفقات، لا يبدو بعيداً اليوم من استثمار التهديدات العسكرية كورقة تفاوض، لا كاستراتيجية حرب.
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أعاد أخيراً تسليط الضوء على موقف ترامب من الحرب مع روسيا، كاشفاً عن نقاش دار بينهما تضمّن استعداد ترامب لتزويد كييف بسلاح يغير قواعد اللعبة. مصادر أوكرانية قالت إن الحديث كان عن صواريخ توماهوك، التي لا تزال كييف تنتظرها منذ بدء الحرب، ما يفتح باب التساؤلات: هل طرأ تحول في موقف ترامب أم أنها مجرد مناورة جديدة من رجل لا يؤمن بالثوابت السياسية؟
ترامب، سواء في حملته الانتخابية أو أثناء وجوده في البيت الأبيض خلال ولايته الثانية، لم يُخفِ ميله لعقد صفقة كبرى تنهي الحرب في أوكرانيا. وسبق له أن كرر بثقة أنه يستطيع إنهاء الصراع خلال 24 ساعة، في تعبير يعكس قناعته بأن الحرب لا تُدار بالمدافع فقط، بل بمهارة المساومة. لكن الجديد هذه المرة أن ترامب لا يكتفي بالدعوة إلى التفاوض، بل يلوّح بخيارات عسكرية هجومية، كإسقاط طائرات روسية إذا انتهكت أجواء "الناتو"، وهو موقف لم يكن ليعبّر عنه في ولايته السابقة.

مجندون من المشاة يستريحون أثناء خضوعهم لدورة تدريبية أساسية في موقع غير مكشوف في شرق أوكرانيا. (أ ف ب)
الواقع أن ترامب لا يغيّر قناعاته بقدر ما يغيّر أدواته. فالتصعيد الكلامي قد يكون أداة ضغط يستخدمها في حملته، سواء لتحسين صورته أمام القاعدة الجمهورية، التي باتت منقسمة حول دعم أوكرانيا، أو لإظهار اختلافه الجذري عن إدارة بايدن. وفي الوقت نفسه، فإن نبرة الحزم تجاه روسيا قد تساعده في طمأنة الأوروبيين المتوجسين حتى اليوم من رئيس أميركي قد يقلب طاولة "الناتو" من جديد.
الحسابات الداخلية تلعب دوراً حاسماً في هذا المشهد. داخل الحزب الجمهوري، هناك مزاج متزايد ضد استمرار تمويل الحرب، وسط تصاعد الأزمات الاقتصادية وتراجع الأولويات الخارجية. ومن هنا، يظهر ترامب كأنه يحاول الوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف: لا يرفض دعم أوكرانيا تماماً، لكنه لا يقدّمه أيضاً على بياض.
ومن المهم أيضاً الانتباه إلى الطريقة التي يفكر بها ترامب في السياسة الخارجية. هو لا يرى في الصراع الأوكراني - الروسي مجرد مواجهة بين الغرب وروسيا، بل فرصة لصناعة تسوية كبرى، تتيح له لعب دور الوسيط القوي. فالرجل الذي تفاخر بلقاءاته مع زعماء مثل كيم جونغ أون وبوتين، لا يريد لحرب أوكرانيا أن تكون استثناء، بل جزءاً من روايته الشخصية كرئيس يملك مفاتيح السلام العالمي.
قد لا تكون صواريخ توماهوك في نهاية المطاف سوى ورقة على طاولة المساومة. لكنها تُظهر أن ترامب لا يزال وفياً لأسلوبه السياسي القائم على التلويح بالقوة كمدخل للتهدئة. فبين منطق العصا وخطاب الصفقة، يتحرك ترامب بثقة رجل الأعمال الذي لا يخشى رفع السقف قبل بدء التفاوض.
يبقى القول، إن قراءة مواقف ترامب يجب ألا تتم من زاوية التصريحات وحسب، بل من فهم أعمق لطريقته في التفكير. لا توجد حرب لا يمكن أن تتحول إلى صفقة، ولا أزمة لا يمكن أن تُحل إذا وُجد على الطاولة "عرض لا يمكن رفضه" على طريقة ترامب طبعاً.
*باحث ومستشار سياسي
-المقاربة الواردة لا تعكس بالضرورة رأي مجموعة "النهار" الإعلامية.
قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : هل يعيد ترامب رسم خريطة الحرب في أوكرانيا؟ - شبكة جدة الإخبارية, اليوم الاثنين 13 أكتوبر 2025 11:35 صباحاً