خوادم ذكاء اصطناعي إماراتية على موعد مع "جيتكس غلوبال 2025" - شبكة جدة الإخبارية

تواصل دولة الإمارات ترسيخ مكانتها كمركزٍ إقليمي وعالمي للابتكار والصناعة المتقدمة، ومع إعلان شركة Kerno العاملة في الإمارات عن إطلاق أول خوادم ذكاءٍ اصطناعي مُصنَّعة محليًا خلال فعاليات "جيتكس غلوبال 2025"، تتجسد رؤية الدولة في تمكين الصناعة التقنية الوطنية وتعزيز سيادتها الرقمية.

تصنيع متكامل يعكس تطوّر البنية الصناعية الإماراتية

يشهد المعرض عرضاً متطوراً لأحدث الخوادم العالية الأداء المخصصة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، إلى جانب أنظمة خوادم شاملة تُصنّع وتُجمّع وتُختبر بالكامل داخل الدولة.

وتُعرض معدات إنتاج متقدمة تشمل آلات تقنية التركيب السطحي (SMT)، التي تعمل في الجناح بشكلٍ حيّ لاستعراض عملية تصنيع اللوحات الإلكترونية المطبوعة (PCB) بدقة عالية أمام الزوار، ما يعكس القدرات الصناعية والتقنية المتنامية في الإمارات.

 

وفي هذا السياق، توضح الدكتورة نانسي بدران، مهندسة حلول الحوسبة للمشاريع السحابية في الحكومة الفيدرالية – أوتاوا، كندا، في حديثها لـ"النهار"، أن اعتماد تقنية التركيب السطحي (SMT) في خطوط الإنتاج المحلية يعكس تطور البنية التصنيعية في مجال الإلكترونيات الدقيقة، إذ تُستخدم هذه التقنية عالميًا في تجميع اللوحات الإلكترونية الخاصة بالخوادم المتقدمة. وتؤكد أن إدخالها في المصانع المحلية يساهم في رفع جودة التصنيع وتقليل الأخطاء الإنتاجية، ما يُحسن من موثوقية المكونات المستخدمة في أنظمة الحوسبة المتقدمة والذكاء الاصطناعي.

 

 

جيتكس غلوبال 2025 (مواقع)

 

تصميم وإنتاج محلي بمعايير عالمية
تأتي هذه المبادرة ضمن مشروعٍ صناعي متكامل يُقام في دبي، حيث يجري تصميم وتجميع واختبار الخوادم وأنظمة التخزين تحت سقفٍ واحد.
ويعتمد المشروع على حقوق ملكية فكرية محلية وسلسلة توريدٍ عالمية مدعومة ببنية لوجستية فعالة ومخزونٍ تقني داخل الدولة.

ويُدار العمل الهندسي وفق أعلى معايير الجودة والأمن والكفاءة، بما يضمن سرعة في الإنتاج والتسليم، ويعزز القيمة المحلية المضافة (ICV)، ويرسخ السيادة التكنولوجية للدولة، ويحد من المخاطر التشغيلية في القطاعات الحيوية.

وترى بدران أن امتلاك دورة إنتاج متكاملة — تشمل التصميم، التصنيع، والاختبار — يمنح الدولة مرونة أكبر في تطوير البنية التحتية الرقمية محلياً، ويقلل من الاعتماد على الموردين الخارجيين في المكونات التقنية الحساسة. وتوضح أن هذا التكامل يعزز مفهوم السيادة الرقمية، إذ يمكن للدولة بناء وتشغيل مراكز بياناتها وخوادمها الخاصة بكفاءة أعلى، وهو ما يشكل أساساً لتطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي بشكل مستقل وآمن.

 

منشأة إنتاج بمعايير عالمية وطاقات كبيرة

تبدأ المنشأة عملياتها في كانون الثاني/يناير 2026 بطاقة إنتاجية تصل إلى 60 ألف وحدة سنوياً، وقد بُنيت وفق معايير غرف التنقية ISO Class 7، ومزوّدة بخطوط تجميعٍ وفحصٍ مؤتمتة بالكامل.

وتشكل هذه الخطوة ركيزة أساسية في ترسيخ موقع الإمارات كمركزٍ إقليمي لتصنيع التكنولوجيا المتقدمة وإنتاج الحلول التقنية ذات المعايير العالمية.

وتضيف بدران أن الالتزام بمعايير التصنيع المتقدمة، مثل بيئات الإنتاج النظيفة (ISO Class 7) وخطوط التجميع المؤتمتة، يعزز جودة المكونات الإلكترونية واستقرارها، ما يجعل هذه المنشأة قادرة على إنتاج أنظمة خوادم مهيأة لدعم تطبيقات الذكاء الاصطناعي المتقدمة. وتشير إلى أن هذه القدرات الإنتاجية الكبيرة تُمكّن السوق الإماراتية من تلبية الطلب المتزايد على حلول الحوسبة عالية الأداء المستخدمة في الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني، والتحليلات السحابية.

 

ابتكارات متطورة تُعرض في جناح H3-A15

من بين أبرز الأنظمة التي ستُعرض خلال "جيتكس غلوبال 2025":

• خوادم OKAM الشاملة: منصات متعددة الاستخدامات تدعم التحليلات، والافتراضية، والتخزين العالي السعة.
• خوادم الذكاء الاصطناعي UQLEAD: أنظمة مزوّدة بوحدات معالجة رسومية (GPU) قابلة للتوسعة عبر واجهات  PCIe، إلى جانب وحدات SXM عالية الأداء لتدريب وتشغيل النماذج الضخمة.

 

وتوضح بدران أن اعتماد وحدات معالجة رسومية (GPUs) عالية الأداء، إلى جانب منظومات الاتصال فائق السرعة بين المكونات، يعكس تقدماً مهماً في تصميم الخوادم المحلية، ويضعها في مستوى تقني مقارب للأنظمة المستخدمة في الأسواق العالمية. وتشير إلى أن هذه البنية المتقدمة توفر قدرات حسابية عالية يمكن الاستفادة منها في تدريب النماذج الذكية وتحليل البيانات الضخمة محلياً، بما يدعم تطوير حلول ذكاء اصطناعي وطنية بكفاءة أعلى.

 

تتميز الحلول المعروضة بتوافقها مع أنظمة التشغيل وأدوات المحاكاة الافتراضية الرائدة مثل VMware وRed Hat، ما يجعلها خياراً محلياً بمعايير عالمية للشركات والمؤسسات الحكومية ومزوّدي الاتصالات وشركات الذكاء الاصطناعي الناشئة، مع فترات تسليم قصيرة ودعم محلي متخصص.

 

خطوة استراتيجية نحو المستقبل الصناعي الرقمي
يمثل هذا المشروع نقلة نوعية في مسار تطوير منظومة التصنيع التكنولوجي داخل دولة الإمارات، إذ يسهم في تمكين بناء بنى تحتية رقمية ومنصات ذكاء اصطناعي تعتمد على حلول مُصنَّعة محلياً، وتدعم التحوّل نحو اقتصاد رقمي مستدام.

 

وتشير بدران في ختام حديثها إلى أن هذا المشروع لا يقتصر على تصنيع خوادم متقدمة فحسب، بل يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز التكامل بين الصناعة والبحث العلمي والتطوير التقني في الدولة. وتوضح أن تطوير القدرات المحلية في مجال البنية التحتية للحوسبة يفتح المجال أمام التعاون بين الجامعات ومراكز الأبحاث والشركات الصناعية، مما يدعم انتقال الإمارات إلى مرحلة جديدة من الإنتاج المعرفي والابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي.