"اللوحة المدوّية" في "غاليري جانين ربيز" - شبكة جدة الإخبارية

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
"اللوحة المدوّية" في "غاليري جانين ربيز" - شبكة جدة الإخبارية, اليوم الاثنين 30 يونيو 2025 12:10 مساءً

منصور الهبر

تقيم "غاليري جانين ربيز" معرضًا مشتركًا من 25 حزيران/يونيو الى 25 تموز/يوليو يتصف بالجدية والمسؤولية اللتين تتمتع بهما إدارة الصالة، مما يستبعد الشعور بالخفة من ناحية التنظيم، او التسلية والمجانية.

يتلخص الدرس الذي نتلقاه في أن كل التقنيات ممكنة بل قابلة للدمج. من  الزيت والاكريليك على القماش، الى المواد المختلطة على سطح اللوحة، فتجميع مواد جاهزة، ثم لوحة الاختبار، فمنحوتة – سجادة مدلاة، ولا نغفل الصورة الفوتوغرافية وفن الفيديو.
التقنيات المختلفة هذه، مرتبطة برؤية الفنانين لمحيطهم وانفتاحهم على دنيا الفن الحديث كما المعاصر وما لحق به من تقلبات ثقافية وفكرية.
الوسائط التقنية الآنفة الذكر ليست محايدة، بل لغة بصرية وتجربة محملة معنى وحساسية. إنها موقف نقدي.

 

لوحة لبترام شلش.

لوحة لبترام شلش.

 

تكتشف منال علي حسن كيف يشكّل العذاب الجسدي المستمر، الهوية والتجربة. فمن خلال تجميعها مواد جاهزة، تدعونا الى التأمل في العلاقة المعقدة بين الألم والذات والقدرة على الصمود.
تعكف داليا بعاصيري على تجميع  أشكال من "الهشاشة"، كشظايا جدران من مبنى مواجه لمرفأ بيروت، وشموع محترقة تُركت بعد الصلوات في حريصا، وأغصان أشجار قتيلة في شوارع المدينة، تعيد تركيبها في كيان واحد على قماش خام، كبنية فسيفسائية من السرديات الماضية المنسوجة في نسيج الحاضر. 
يقودها هذا الهوس الى طرح أسئلة: هل الهشاشة معدية؟ هل تجعلنا الحياة اليومية في مكان بعيد عن الاستقرار مثل لبنان، نتعلق بالشقوق والانهيارات؟ 

 

عمل لجوزف حرب.

عمل لجوزف حرب.

 

بترام شلش يكتشف بتقنية تراثية، ايقاع الزوال وعبور الزمن. لوحته تأمل في التحول، في كيفية ذوبان الأشياء، تبدلها وظهورها من جديد في أشكال مختلفة. من خلال الطبيعة، يستكشف التوتر بين المرئي والمحسوس، بين الواقعي والمتخيل، ويتعامل مع العبثي والسموّ، كمواجهة لنمط الرؤية الثابتة. من خلال الصور الشعرية والاستعارية، يصوّر أفكارًا، أحداثًا، وذكريات بصرية، فاتحًا أفقًا للتأمل.
دينا ديوان متأثرة بفكرة الرحيل، بالأماكن التي نغادرها، وتلك التي نصل إليها دون أن نعرف. يجسّد عملها "من شاطئ إلى شاطئ"، رحلة أولئك الذين يعبرون البحار ليغرسوا جذورهم في أرض جديدة.
في أعمال بسام جعيتاني شظايا من ذاكرة المدينة، تمثل عينات لجلدها في دورة بنائها وتآكلها وتجددها. كل قطعة تحمل بصمات الزمن، من المواد البالية والصدئة التي تروي قصص الأجيال الماضية، كندوب عميقة وعلامات حياة.

 

 

عمل لبسام جعيتاني.

عمل لبسام جعيتاني.

 

يحمل مشروع  احمد غدار، "آثار الإمبراطورية"، هدف تتبع أثر المواد للعثور على مصدرها الاول، ويعكس بصريًا حلقات من الدورة الإمبريالية: الحرب، التوسّع، الاستعمار والعسكرة.
في عمل جوزف حرب توتر بين الهشاشة والقوة. تقف ثلاث شخصيات عارية في فضاءات مجزأة، مكوّنة من أنماط هندسية، وعناصر معمارية، وملمس خشن. كل امرأة كأنها متجمّدة في لحظة معلّقة بين المواجهة، والوحدة، والمقاومة الصامتة. يستحضر ذاكرة الجسد، وطبقات حميمية، وآثار التاريخ الشخصي والجماعي. تتنقّل العين بين مناظر داخلية حيث تتحوّل الأجساد عمارة، والجدران شهودًا.

 

عمل تركيبي فني لكريستين كتانة.

عمل تركيبي فني لكريستين كتانة.

 

من كان يتوقّع ان تقع ليلى جبر جريديني في سحر أشجار الباوباب التي اكتشفتها في زنجبار؟ حين رأيتها، تقول، عرفتُها فورًا بغريزتي، رغم أنني لم أكن أعرف شيئًا عن النباتات المحلية. وجدت نفسي في رحلة بحث، أُقلّب نظري في الأفق لألتقط كل لمحة لهذه الأشجار المهيبة. مأخوذةً بسحرها، شعرتُ بحاجة لاكتشاف سرّ تفردها. هل هو حجمها الهائل؟ أشكالها العجيبة؟ أم ذلك الغموض الذي يلفّها؟ ربما كان مزيجًا من كل شيء.

"المجسّات" عمل تركيبي فني لكريستين كتانة يجمع بين فيلم تجريبي قصير ومنحوتة من ملح، أُنجز خلال إقامة فنية في صقلية (2018). داخل غابة محمية من أشجار البلوط، صادفت الفنانة نظام الأقمار الصناعية العسكرية  MUOS وهي هوائيات ضخمة أقامتها الولايات المتحدة لنقل البيانات حول العالم. حضورها هائل لكنه غير مرئي: أجسام معدنية تخترق السماء، بينما تتسلل بصمت إلى الأرض والهواء والأجساد.

 

منحوتة لألان فاسويان.

منحوتة لألان فاسويان.

 

عائدة سلوم تهمس في لوحتها وفي آذاننا: بعيد لكنه قريب. غير مرئي لكنه مكشوف. يكشف لكنه يخفي. شجرة لكنها طائر. واحد لكنه كثير. كامل لكنه كلي. ورقة لكنها لون. خطّ لكنه هواء. يد لكأنها نجم ساقط.
اعمال فرنسوا سارغولوغو الفوتوغرافية تستحضر الطبيعة في أوجها، كأنها تبشّر بشيء لم يأتِ بعد. إنها تستدعي السامي والجليل le sublime أي الرهبة المحبّبة، وهو شعور يتجاوز الجمال، ويثير في النفس الإعجاب والخوف معًا، ويضع المتلقي في حال من التوتر بين الدهشة والقلق.
العمل الذي يقدّمه هانيبال سروجِي يضمر إشارات متناقضة. قد يشير بألوانه المتلألئة إلى مناظر بحرية رومانسية. بعيدًا من الواقعية، نحن مدعوون الى الغوص في خيال بصري ذي تركيبة موسيقية، والتأمل في قطع من الأرض والبحر والسماء، حيث تتداخل الفضاءات، والأبعاد الزمنية. إنه يُغوينا  بـ"بأدبه الجميل"، إذ يُدرج نشاطه في الحد الادنى من التقنيات، كأنه يُظهر ما ليس موجودًا، أو ما لم يعد موجودًا. ثمة حقيقة جديرة بالذكر: الفنان يدمج عنصر النار أداةً أساسية في اختباراته.

 

منحوتة "برج التأمل" للفنان ألان فاسويان تتميّز بإمكان تبديل أجزائها بشكل لا نهائي، مما يسمح بتشكيل هيئات جديدة باستمرار. يستخدم هذا العمل الفني نسخة متكررة من الرأس ثلاث مرات، في محاولة لاستحضار حالة من السكينة الجماعية.
تسعى غادة الزغبي إلى استكشاف التناقض بين الرغبة والخطيئة، مشيرة إلى أنه كان ثمة شوق فطري إلى التجربة والاكتشاف، قبل أن تواجه البشرية مفاهيم الأخلاق. فما قبل سرديات الصواب والخطأ، كانت هناك فقط الرغبة في التطلّع إلى شيء نقي، واحتضان الوجود الخالص. عملها الفني لحظة معلّقة في الزمن، قبل ثقل الخطيئة، قبل السقوط.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق