نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
العهد وبدايته الواعدة بين أثقاله الوزارية والثنائي - شبكة جدة الإخبارية, اليوم الأربعاء 25 يونيو 2025 04:20 مساءً
عماد جودية
بعد انتهاء عهد الرئيس ميشال عون في 31 /10/ 2022 ، بشهر أي في 30/11/2022 نشرت لي العزيزة "النهار" في نسختها الورقية بصفحة "منبر" مقالاً حمل عنوان: الثنائية بين مأزق الحليفين باسيل وفرنجية والفراغ الطويل وسيناريو 2008.
أول تعليق وصلني من الصديق الرئيس إيلي الفرزلي الذي كتب لي قائلاً: لا يوجد إلا سيناريو واحد... انتخاب فرنجية رئيساً. أجبته بأن تعليقه على مقالي ينطلق من رغبته وتمنيه بحصول ذلك والرغبة والتمني بالسياسة لا يمكن تأكيدهما. وما أوردناه في مقالنا إنما ينطلق من معلومات لدينا مقرونة بقراءتنا بتجرد وواقعية للمشهد السياسي العام محلياً وعربياً وإقليمياً ودولياً.
بالفعل حصل تماماً ما أشرنا إليه وكنا على صواب فيما كتبنا، حيث دخلت الثنائية بمأزق كبير نتيجة صراع حليفيها على الرئاسة، وفشلت في تأمين تفاهم بينهما، حيث استمر باسيل على موقفه الرافض لانتخاب فرنجية، مما أدى إلى دخول البلاد بفراغ رئاسي طويل امتد لعامين وأربعة أشهر ، وانتهى على طريقة سيناريو 2008 بانتخاب قائد الجيش العماد جوزف عون رئيساً للجمهورية في/2025 9/1 تماما ًكما كتبنا حرفياً في مقالنا المشار إليه أعلاه .
نحن هنا لسنا في معرض تسجيل نقاط بيننا وبين الرئيس الفرزلي، الذي كان مخلصاً في تمنيه، ومحقا ًفيما أشار إليه، اعتقادا منه أن الثنائية قد تنجح لاحقاً برهانها على الوقت في تمرير فرنجية رئيساً، لكن حساب حقلها لم يأت وفق حساب بيدرها؛ فالثنائية ظهرت عشية انتهاء عهد ميشال عون، وقبل بدء الفراغ الرئاسي، عاجزة يومذاك ولأول مرة عن إدارة معركتها الرئاسية بحرافية عالية، بسبب أولاً ضياعها السياسي الذي تمثل بفشلها في تأمين تفاهم بين حليفيها على انتخاب فرنجية، وثانياً بسبب "عمى بصيرتها" وفقدانها لـ"بوصلة" رؤية المشهد العام في المنطقة ومتغيراته، اعتقاداً منها أن "فائض القوة" لديها قد يكون كفيلاً في آخر المطاف لأخذ الموضوع الرئاسي للحسم باتجاه انتخاب حليفها الزغرتاوي. وهي بالطبع كانت صادقة فيما كانت ترمي إليه، لكن رهانها للأسف كان خاطئاً آنذاك، فأضاعت على نفسها وعلى البلد فرصة انتخاب قائد الجيش جوزف عون منذ ذاك الوقت. فربما لو قرأت المشهد السياسي بواقعية ووضوح وتجرد، كما قرأناه نحن مقروناً بمعلوماتنا الدقيقة، ولفتنا نظرها عليه آنذاك ولم تأخذ به للأسف، لكانت جنبت على البلد وأهله ومن بينهم أبناء بيئتها "كأس الفراغ" الطويل، وربما لو سارت في هذا الأمر في حينه ربما كانت ما احتاجت للذهاب نحو فتح "جبهة الإسناد" في 8/10/2023 بعد عملية "طوفان الأقصى"، لأنه ربما كان ممكناً لها -وبالتنسيق مع رأس الدولة بعد انتخابه ، لو حصل هذا الأمر -الذهاب نحو خيار آخر لدعم غزة غير هذا ألخيار ألقاتل والمدمر .
كلامنا هنا للتوضيح لا للتشفي أو إلقاء اللوم على الثنائي الشيعي الذي نحترم تضحيات مقاومته ونضال شهدائه وجرحاه، ونقدر عالياً صمود بيئته وما قدمته للوطن ، ونثمن عالياً أيضاً حسمه للخيار الرئاسي ولو متأخراً باتجاه انتخاب العماد جوزف عون والذي لولا حسمها للاستحقاق الرئاسي لصالح هذا الخيار أخيراً، لكان البلد لا زال حتى الآن يرزح تحت عبء الفراغ الرئاسي الطويل ، ولكان العماد جوزف عون متقاعداً الآن في منزله خارج السبق الرئاسي وخارج خدمته العسكرية.
لهذا نتوقف في مقالنا هذا عند بداية العهد التي تبدو واعدة ، لنسجل الملاحظات الإيجابية التالية:
أولاً: تسجل لسيد بعبدا حكمته في مقاربته للقضايا الوطنية الكبيرة، وتعاطيه الواعي والرصين معها، من موقع الحريص على تحصين السلم الأهلي، وتجنيبه البلد الانزلاق نحو مغامرات مجنونة، حفاظاً على الإستقرار والأمن الوطني العام.
ثانياً: تشكيل حكومته الأولى، وأهميتها تمثل برئيسها نواف سلام القادم من خارج نادي رؤساء الحكومات، والذي يتمتع ليس بالكفاءة العلمية والنزاهة فقط، بل بالنظرة المدنية لقيام الدولة، بعيداً عن الاصطفافات المذهبية والطائفية. وهذا الأمر مشجع لإمكانية إحداث إصلاحات جذرية في بنية النظام "العنصري" اللبناني مستقبلاً ، قد تفتح المجال لاحقاً لانتقال اللبنانيين تدريجياً إلى "نظام المواطنة" عوض نظام المحاصصة الطائفية والمذهبية .
ثالثاً: إضافة إلى رئيس حكومة عهده الأولى، يسجل للرئيس عون اختياره لوزيرين مميزين خلقاً وأدباً ونزاهة وكفاءة عالية هم: وزير الدفاع اللواء ميشال منسى ووزير الداخلية العميد أحمد الحجار. وشكل وجودهما داخل الحكومة رافعة لها، بأدائهما الممتاز والمميز وحضورهما الدائم والمستمر واللافت. ونهنئه على اختيارهما معاً. ونتوقع أن يرافقاه في وزارتيهما حتى آخر عهده في الحكومة التي ستشكل بعد الأنتخابات النيابية العام المقبل.
رابعاً: كان اختيار الرئيس عون لكريم سعيد حاكماً جديداً لمصرف لبنان في مكانه الصحيح. فالرجل عدا كفاءته العلمية، يتمتع بخبرة واسعة في عالم المال والنقد. وكانا محقان كل من صديقينا مروان خيرالدين، رئيس مجلس إدارة "بنك الموارد" وخليل الدبس مدير عام "بنك عودة" ، عندما أبلغانا قبل سنة من انتخاب الرئيس عون أن سعيد هو الذي سيكون الحاكم المقبل، نظراً للصفات الحميدة التي تؤهله للعب دور متقدم بالتنسيق مع وزارة المالية في إيجاد الحلول الناجعة لأزمة الودائع والمساعدة في إعادة هيكلة القطاع المصرفي على أسس سليمة ، وإيجاد الأرضية المناسبة لإعادة انتظام العمل بين القطاع المصرفي والبنك المركزي والدولة معاً.
خامساً: جاءت التعيينات العسكرية والأمنية ممتازة بكافة المراكز والقطاعات بشخص الذين سموا لها دون استثناء .
أخيرا الملاحظة السلبية الوحيدة التي يسجلها العهد على نفسه ورئيس حكومته هو إنهما أخطآ معاً في توزير عدد من أعضاء حكومتهم، نتحفظ عن ذكر أسماء هؤلاء احتراماً لأنفسنا. حيث تبين بأنهم لا يصلحون في أن يكونوا في موقعهم الوزاري الذين هم فيه الآن، نظراً لحضورهم السمج، وأدائهم الهزيل، وشخصيتهم المنفرة ، وكفائتهم الناقصة، ولو كانوا من حملة الشهادات، فليس كل من حمل شهادة وأتقن لغة أصبح ذا ثقافة وعلم وكفاءة .
-المقاربة الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة رأي مجموعة "النهار" الإعلامية.
0 تعليق