قد ينتابنا شعور معين أو طاقة خاصة فور دخولنا إلى غرفة أو مكان ما، فقد يغمرنا الإحساس بالراحة، أو تملؤنا الحيوية والاستعداد لبدء يومنا، وربما، على العكس، نشعر بتوترٍ يتسلل إلى أجسادنا، فلا نرغب إلا بالابتعاد عن هذا المحيط. فما السبب في ذلك؟

يلعب التصميم الداخلي دوراً محورياً في تشكيل الحالة المزاجية للمكان، ويُعدّ اللون أحد العناصر الأساسية في ضبط هذا الإيقاع. وهنا يأتي دور "علم نفس الألوان" في تفسير تأثير الألوان على مشاعرنا داخل المساحات المختلفة.

وفي حديث خاص الى "النهار"، أكدت مصممة الديكور الداخلي كارولين عزالدين أن "كل لون نراه داخل المنزل قد يترك أثراً مباشراً في حالتنا النفسية، وهو ما يُعرف في التصميم الداخلي بـ "سيكولوجيا الألوان"، الذي يدرس تأثير الألوان المختلفة في الشخصية والمزاج".

غرفة معيشة (Julius Berger-AFP).

كيف نختار الألوان؟ 

يعتمد اختيار الألوان إلى حد كبير على ذوق كل شخص، الذي غالباً ما يرتبط بحالته النفسية. وتوضح مصممة الديكور أنه "كثيراً ما يراجعني أشخاص يذكرون أنهم كانوا يفضلون ألواناً معينة في منازلهم قبل سنوات، لكنهم اليوم لم يعودوا يتحملونها، فيميلون إلى التخفيف من الألوان الداكنة واعتماد ألوان أفتح، أو العكس".

وتتابع: "هناك نقطة أساسية لا بد من أخذها في الاعتبار أيضاً، وهي نوع الغرفة ووظيفتها. فنعود هنا إلى علم نفس الألوان. على سبيل المثال، يُنصح بإضافة لمسات من اللون الأخضر في غرف النوم لما له من أثر مهدّئ يساعد على الاسترخاء. أما في المراكز الطبية، فغالباً ما يُستخدم اللون الأبيض لأنه يرمز إلى النظافة. لذلك، من الضروري أن يكون اختيار الألوان منسجماً مع طبيعة الغرفة ووظيفتها".

غرفة نوم (بنترست).

وتنصح عزالدين بالتزام بالألوان الحيادية مثل الأبيض، والبيج، والرمادي في المساحات الكبيرة، كالجدران أو الأرائك. أما الألوان الأخرى فنُدخلها من خلال العناصر الثانوية، مثل الوسائد، أو اللوحات الفنية، أو الأكسسوارات.

وقدّمت عزالدين أمثلة متعددة على تأثير الألوان في النفس والمزاج، موضحة أن اللون البرتقالي يُعد محفزاً ومفعماً بالحيوية، ويشجّع على التفاعل الاجتماعي والتجمّعات، في حين يرمز الأصفر إلى الإيجابية والتفاؤل والفرح. أما اللون الأزرق، وخصوصاً بدرجاته الداكنة، فيُستخدم بكثرة في أماكن العمل لما له من دور في تعزيز التركيز والإبداع. ويُرتبط الأخضر بالصحة والراحة النفسية، نظراً الى تأثيره المهدّئ.

صورة لمكتب (

وتتابع: "اللون الأحمر يرمز إلى الطاقة والحماسة، لذلك يُستخدم أحياناً في النوادي الرياضية، كما يُعرف بتأثيره في فتح الشهية، مما يجعله مناسباً لغرف الطعام. أما البنفسجي، فيرمز إلى الثراء والفخامة، ويُعتبر الأسود أيضاً من الألوان التي تعكس الطابع الراقي. في المقابل، يُعبّر البني عن الراحة والأمان، بينما يدل الأبيض على النظافة". وتشير إلى أنه "غالباً ما يختلف تأثير اللون بحسب الدرجة المستخدمة والسياق المكاني".

لا تستخدم الألوان الزاهية في هذه الغرفة
لا تنصح مصممة الديكور الداخلي باستخدام الألوان الزاهية في غرفة الطفل الرضيع، إذ إنها لا تكون مناسبة كثيراً لحالته المزاجية، لأنها قد تسبب له انزعاجاً، مثل اللون الأصفر الساطع جداً. لذلك، غالباً ما نلاحظ أن غرف الأطفال الرضّع تكون ألوانها باستيل، أي غير ساطعة أو مشبعة، حتى يرتاح نظره ولا يكون في حالة من الإثارة المفرطة، بحسب عزالدين.

غرفة نوم أطفال (Stephanie Hoey Interiors).

أخطاء شائعة في التصميم الداخلي

تلفت عزالدين إلى أحد الأخطاء الشائعة في التصميم الداخلي، وهو الاعتقاد أنه بمجرد اختيار لون معين، فيجب تكراره بالدرجة نفسها في مختلف عناصر الغرفة. وتوضح: "ليس من الضروري استخدام اللون نفسه بدرجته الحرفية، بل يمكن التنويع بين تدرجات اللون الواحد لإضفاء عمق وتناسق بصريين، وهو ما يميز التصميم الناجح عن غيره".

وأضافت: "ثمة اعتقاد شائع أن الألوان الداكنة تُصغر المساحات، والفاتحة تُوسّعها، وهذا غير دقيق. التأثير البصري للّون يتعلّق بكيفية استخدامه، لا باللون نفسه". وأشارت إلى أنه يمكن اللعب بالتباين اللوني لمنح انطباع بأن الغرفة أوسع أو أطول.

غرفة معيشة بألوان داكنة (iStock).