رفض مراجعة التعامل مع إسرائيل... هل لا تزال ألمانيا أسيرة لحقبة هتلر؟ - شبكة جدة الإخبارية

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
رفض مراجعة التعامل مع إسرائيل... هل لا تزال ألمانيا أسيرة لحقبة هتلر؟ - شبكة جدة الإخبارية, اليوم الخميس 3 يوليو 2025 08:30 صباحاً

فشلت دول الاتحاد الأوروبي خلال اجتماعاتها في بروكسل الأسبوع الماضي في التوصل إلى موقف مشترك بشأن اتخاذ إجراءات صارمة ضد إسرائيل، على خلفية مواصلتها ارتكاب المجازر في قطاع غزة. واقتصر البيان الختامي على الإشارة إلى أن "تصرفات إسرائيل تنتهك المبادئ الراسخة للتعاون الوثيق مع الاتحاد الأوروبي"، مع تأكيد مواصلة النقاشات ومتابعة تطورات الوضع على الأرض في تموز/ يوليو المقبل.
لكن ما أثار الجدل هو التصريحات المتناقضة للمسؤولين الألمان، ودور برلين في إعاقة اتخاذ موقف أوروبي أكثر تشدداً حيال إسرائيل، عبر رفضها التدابير العقابية، وإعلان المستشار فريدريش ميرتس أن "الأمر غير وارد بالنسبة لحكومته"، رغم التساؤلات التي طرحها هو نفسه بشأن الغاية من استمرار الحرب. فهل لا تزال ألمانيا تعيش "عقدة الذنب" تجاه إسرائيل؟

نهج أكثر دقة
في ظلّ دعوات دول أوروبية عدة، بينها فرنسا وهولندا، إلى مراجعة أو تعليق اتفاقية الشراكة مع تل أبيب أو إعادة النظر في التعامل معها لضمان امتثالها للالتزامات الدولية في مجال حقوق الإنسان، ووسط تأييد البعض لمقترحات فرض عقوبات اقتصادية وحرمان إسرائيل من الاستفادة من برنامج تمويل الأبحاث الأوروبي "هورايزون"، بسبب الحصار الإسرائيلي واستخدام التجويع سلاحاً ضد الفلسطينيين في غزة، برز رفض ألمانيا الحازم لمثل هذه العواقب، إلى جانب دول أخرى كالنمسا والمجر وسلوفاكيا، فيما يواصل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو التصعيد العسكري و"ضخ جرعات القتل"، كما وصفه مراقبون.
في هذا السياق، اعتبر تورستن بينر، مدير معهد السياسات العامة العالمية في برلين، في تصريح صحافي، أن "إعادة النقاش حول العلاقات مع تل أبيب أمر ملحّ"، داعياً ألمانيا إلى التخلي عن الصيغة التي اعتمدتها المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، والتي اعتبرت فيها أن "أمن إسرائيل مصلحة قومية ألمانية". وأوضح أن هذه الصيغة استُخدمت في السنوات الأخيرة لتبرير الدعم غير المشروط لحكومة نتنياهو التي يهيمن عليها اليمين المتطرف.
وأضاف بينر أن "هناك حاجة إلى نقاش معمق يوسّع أسس الالتزام بأمن إسرائيل، ويربطه بحل الدولتين"، خصوصاً في ظل استمرار الحكومة الإسرائيلية في التوسع الاستيطاني وتدمير سبل عيش الفلسطينيين. وأشار إلى أن هناك في تل أبيب ازدراءً متزايداً لفكرة حل الدولتين، حتى أن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس قال سابقاً: "سترَون اعترافكم بدولة فلسطين على الورق يُلقى في مزبلة التاريخ، فيما نبني نحن دولة يهودية على الأرض".
من جهتها، كشفت مجلة شتيرن الألمانية أن استطلاعات الرأي تظهر أن 80% من الألمان يرون أن ما تقوم به إسرائيل في غزة، منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، بحق المدنيين الفلسطينيين، غير مبرر.

ألمانيا وازدواجية المعايير
في المقابل، قال وزير الخارجية الألماني فادفول إن "إسرائيل دولة ديموقراطية دستورية في الشرق الأوسط، ويجب الحفاظ على علاقات جيدة معها"، مشدداً على أن "اتفاقية الشراكة مهمة ولا ينبغي التشكيك فيها بأي شكل".
أما وزير الخارجية الإيرلندي سايمون هاريس، فاقترح على المفوضية الأوروبية اعتماد تدابير ملموسة للضغط على إسرائيل لتغيير سلوكها، فيما دعت وزارة الخارجية السويدية إلى طرح خيارات متنوعة لمزيد من الإجراءات.
ورأت تحليلات سياسية أن الدعم غير المشروط لحكومة نتنياهو، رغم ارتكابها "القتل الوحشي والعشوائي"، يكشف استغلال مفهوم "مصلحة الدولة" كمبرر لمواقف أخلاقياً مثيرة للجدل. وأشارت إلى أن استمرار ميرتس في الحديث بلغة مراوِغة مع نتنياهو، في ظل تجاوزات صارخة للقانون الدولي الإنساني، يُفقد برلين والاتحاد الأوروبي صدقيتهما.
وأضافت التحليلات أن مفهوماً مثل "أمن إسرائيل كمصلحة ألمانية" يطرح إشكالية حقيقية في التعامل مع حكومة إسرائيلية تهيمن عليها تيارات قومية متطرفة تغذي آلة القتل الجماعي.
وفي هذا الإطار، يقول الباحث الأكاديمي أسامة جمعة، لـ"النهار"، إن "على ألمانيا أن تسعى لتحقيق توازن نسبي، وأن تتحرر من القيود النفسية المتخيلة بسبب ماضيها النازي وارتكاب المحرقة". ويضيف: "أمام المجازر الجارية في غزة، من غير المقبول أن تبقى برلين أسيرة لحقبة هتلر؛ والخنوع أمام نتنياهو يُظهر غياب المروءة والتنكر لقيم حقوق الإنسان".
ويشدد جمعة على ضرورة ألا يُختزل الموقف الألماني في مصالحها الاقتصادية، بما فيها الاستفادة من الابتكارات الإسرائيلية في مجال الطائرات المسيّرة والدفاع الصاروخي والأمن السيبراني، أو صفقات الأسلحة المتنوعة مع تل أبيب، بل أن تعمل برلين مجدداً على الدفع بحل الدولتين، والاعتراف بقيام دولة فلسطينية ذات سيادة، بالتنسيق مع شركاء أوروبيين مثل إسبانيا.
وكان رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز قد اتهم، خلال قمة بروكسل، المستشار الألماني اتهاماً غير مباشر بازدواجية المعايير، لرفضه اتخاذ إجراءات ضد إسرائيل، في الوقت الذي يُفرض فيه عقاب دائم على روسيا، وتُمنع حتى مناقشة تعليق الشراكة مع تل أبيب رغم الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان.
يُذكر أن المادة الثانية من اتفاقية الشراكة الأوروبية – الإسرائيلية، الموقعة عام 2000، تنص على أن "العلاقات تقوم على احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديموقراطية".
وكان من اللافت وصف البيان الختامي لاجتماع بروكسل لما يجري في غزة بأنه "أُحيط علماً به"، واكتفى بالقول إن "إسرائيل ربما تكون قد انتهكت التزاماتها في مجال حقوق الإنسان"، فيما وصفت إسبانيا ما يجري بأنه "إبادة جماعية كارثية".
وبحسب مراقبين، فإن الشيء الوحيد الواضح في السياسة الألمانية هو تمسكها المطلق بمقولة أن "أمن إسرائيل مصلحة ألمانية"، فيما تبقى جميع التساؤلات الأخرى، مثل: ما هي حدود حق الدفاع عن النفس؟ ما هي الأهداف الواقعية المتبقية من الحرب الإسرائيلية؟ هل يفضل نتنياهو بقاءه في الحكم على حياة الرهائن الإسرائيليين؟
كلها أسئلة لا تجد مساحة للنقاش في برلين، وكأنها "غير ضرورية".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق