احترس من الصيف.. درجات الحرارة العالية تدمر الأعصاب وتسبب الوفاة - شبكة جدة الإخبارية

اخبار جوجل 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
احترس من الصيف.. درجات الحرارة العالية تدمر الأعصاب وتسبب الوفاة - شبكة جدة الإخبارية, اليوم الثلاثاء 1 يوليو 2025 09:05 مساءً

مع ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف، لا يقتصر تأثير الطقس  على الجانب الفيزيائي للجسد فحسب، بل يمتد تأثيره العميق إلى الحالة النفسية والعصبية للإنسان ليفرض تغيرات واسعة النطاق على المزاج والسلوك والتفاعلات اليومية.
وفي ظل موجات الحر المتكررة والمتزايدة بفعل التغير المناخي، تتزايد الحاجة لفهم العلاقة المعقدة بين المناخ والصحة النفسية، لاسيما في المجتمعات التي تعاني من ضعف البنية التحتية للخدمات الصحية والنفسية، أو في المدن التي ترتفع فيها معدلات الرطوبة والتلوث.

اضطراب النوم وتدهور التركيز

يُعد الدماغ البشري مركز التحكم الرئيسي في تنظيم حرارة الجسم، ويتولى تحت المهاد (Hypothalamus) دور "منظم الحرارة الداخلي"، الذي يبقي حرارة الجسم مستقرة عند نحو 37 درجة مئوية رغم تقلبات الجو الخارجية. غير أن هذا النظام يعاني من ضغط شديد عندما ترتفع درجات الحرارة بشكل مفرط، ما يدفع الجسم لبذل جهد إضافي لتنظيم توازنه الحراري، وهو جهد ينعكس مباشرة على الجهاز العصبي، مسببًا اضطرابات في النوم، وتقلصًا في التركيز، وتغيرات مزاجية حادة.

الاكتئاب الصيفي.. حالة نفسية مخالفة للمألوف

من الظواهر التي تؤكد على هذا الارتباط ما يعرف بـ"الاكتئاب الصيفي"، وهي حالة نفسية مخالفة للمألوف، حيث يعاني البعض من اضطرابات مزاجية حادة مع حلول الصيف. 
في حين يرتبط الاكتئاب الموسمي تقليديًا بفصل الشتاء وقلة التعرض للضوء الطبيعي، فإن ما يحدث في الصيف يكون غالبًا نتيجة الحرارة المرتفعة، والرطوبة العالية، والتعرض الطويل للشمس، مما يؤدي إلى قلق مزمن وإجهاد عصبي وربما نوبات من الغضب أو السلوكيات العدوانية، وفي بعض الحالات، وُثّق أن الحرارة الشديدة قد تساهم في تفاقم أعراض اضطرابات عقلية قائمة مثل الاضطراب ثنائي القطب أو القلق المزمن.

حالات الانتحار بسبب ارتفاع الحرارة

الدراسات الحديثة أشارت إلى أن ارتفاع درجات الحرارة ليس فقط عبئًا على الجسد بل هو أيضًا محفز محتمل لسلوكيات خطرة.
على سبيل المثال، نشرت دورية Nature Climate Change دراسة خلصت إلى أن كل ارتفاع بمقدار درجة مئوية واحدة في درجات الحرارة قد يتسبب في ارتفاع بنسبة 1.5% في معدلات الانتحار، لا سيما في الدول ذات المناخ الحار والتي تعاني من نقص في خدمات الصحة النفسية. وفسّر الباحثون هذا التأثير بكون الحرارة العالية تخلق حالة من الإجهاد الجسدي والعصبي تجعل الأفراد أكثر عرضة للإحباط واليأس، خاصة مع تعطل النوم الذي يلعب دورًا أساسيًا في استقرار المزاج.

تأثير درجة الحرارة على بيئة العمل

وفي أماكن العمل، تتفاقم الآثار النفسية للحرارة، خصوصًا بين العمال الذين يضطرون للبقاء لفترات طويلة في بيئات شديدة الحرارة مثل مواقع البناء أو الورش.
وتشير تقارير منظمة العمل الدولية إلى أن الحرارة تؤدي إلى انخفاض في الإنتاجية، وزيادة في عدد الحوادث المرتبطة بالإجهاد الحراري وفقدان التركيز، كما تؤثر سلبًا على مهارات اتخاذ القرار والتفاعل الاجتماعي، ما يخلق بيئة مهنية متوترة قد تنفجر بأزمات نفسية كامنة.

الحر سبب الحماقات الزوجية

أما في الحياة اليومية، فإن موجات الحر الطويلة ترتبط بزيادة معدلات العنف المنزلي والخلافات بين الأفراد، حيث يتراجع مستوى الصبر وتزداد سرعة الانفعال. وتكشف بيانات من بعض مراكز الشرطة في دول مثل الولايات المتحدة والهند أن معدلات الجريمة العنيفة ترتفع بشكل ملحوظ خلال فترات الحرارة الشديدة، مما يعكس العلاقة بين توتر الأعصاب الناتج عن الجو الحار والسلوك العدواني.

وفاة أكثر من 15 ألف شخص نتيجة الحر

من الحوادث المؤلمة التي تؤكد خطورة الحرارة على السلامة النفسية والجسدية، ما سُجل في فرنسا خلال صيف 2003، حين أدت موجة حر استثنائية إلى وفاة أكثر من 15 ألف شخص، كثير منهم من كبار السن الذين لم يتمكنوا من التعامل مع الحرارة المرتفعة. كما شهدت الهند في السنوات الأخيرة عدة موجات حر مميتة، رافقتها تقارير عن انتحارات جماعية في صفوف المزارعين الذين عانوا من الجفاف وفشل المحاصيل. وفي مصر، تسجل المستشفيات سنويًا عشرات حالات الإجهاد الحراري والانهيار العصبي المرتبط بالصيف، خاصة في مناطق مثل الصعيد والدلتا.

الوجه المضئ للصيف

رغم كل هذه الآثار السلبية، فإن للصيف جانبًا نفسيًا إيجابيًا لا يمكن إنكاره، يتمثل في وفرة أشعة الشمس التي تساهم في رفع مستويات فيتامين "د" في الجسم، ما يعزز إفراز السيروتونين، المعروف بهرمون السعادة. ولهذا السبب، يلاحظ لدى البعض تحسن في المزاج والشعور بالحيوية خلال الصيف، خاصة أولئك الذين يعانون من اكتئاب الشتاء. لكن في البيئات التي تفوق فيها درجات الحرارة حاجز الـ 40 مئوية، يصبح هذا التأثير الإيجابي محدودًا، وتبدأ الآثار الضارة بالتغلب عليه، خاصة مع عدم توفر وسائل التبريد المناسبة أو اضطرار البعض للبقاء لفترات طويلة في الخارج
 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق