قانون الانتخاب و"بسترة" الولادة تمثيل مشوّه وولادة ديموقراطية معقمة - شبكة جدة الإخبارية

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
قانون الانتخاب و"بسترة" الولادة تمثيل مشوّه وولادة ديموقراطية معقمة - شبكة جدة الإخبارية, اليوم الثلاثاء 1 يوليو 2025 10:20 صباحاً

قانون الانتخاب و

فبينما يُقال ان لبنان أقّر النسبية في قانون 2017، فإن الحقيقة ان النسبية نفسها وُضعت تحت الحجر السياسي وتوزعت على 15 دائرة مرقّعة بالطائفية، يخنقها الصوت التفضيلي ويعيد انتاج الزعامات التقليدية بأقنعة جديدة

المحامي ربيع حنا طنوس                                           

 

لا تُقاس القوانين بعدد موادها بل بدرجة حرّيتها عند الولادة. أما قانون الانتخاب البرلماني اللبناني، فقد خرج إلى النور عبر غرفة عمليات سياسية معقّمة، لا تصرخ فيها الأم ولا يولد فيها مولود حيّ، بل يولد نصٌ مشذّب من نبض الناس "مُبستر" بعناية حتى لا يحرج التوازنات ولا يربك الزعامات.
فبينما يُقال ان لبنان أقّر النسبية في قانون 2017، فإن الحقيقة ان النسبية نفسها وُضعت تحت الحجر السياسي وتوزعت على 15 دائرة مرقّعة بالطائفية، يخنقها الصوت التفضيلي ويعيد انتاج الزعامات التقليدية بأقنعة جديدة . هذا القانون الذي يفترض ان يكون أداة تجديد، جاء أقرب إلى آله صياغة للنظام القديم، يصوّت فيه الناخب لا لمشروع بل لحماية زعيم أو لاتقاء شرّ خصم.
في خضم هذا المشهد، يبدو اللبناني المغترب كمن كُتب عليه ان يولد مرتين، ولا يُعترف به في اي منهما: وُلد اولاً خارج الوطن، ثم وُعد بمولد سياسي داخل صناديق الخارج… لكن الوعد تأجل، و"بُستِرت" ولادته الديموقراطية أيضاً.
صوّت المغتربون في انتخابات 2022، نعم، لكنهم صوّتوا كأنهم في الداخل بلا تمثيل خاص، بلا دوائر مستقلة، بل لمقاعد مخصصة كما في القانون نفسه. تم استثمارهم عددياً وليس سياسياً. كان الدولة تقول لهم: "بدنا أصواتكم… وابقوا حيث أنتم".

معضلة تمثيل الاغتراب : حقٌ مع وقف التنفيذ 
في صلب هذا القانون، تتجلّى مفارقة دستورية صامتة: إذ يقّر للمغترب اللبناني حق الاقتراع، لكن ينزع عنه حق التمثيل المستقل.
« نصت المادة 122 من قانون 2017 على تخصيص ستة مقاعد للمغتربين موزعة على القارات، بدءًا من الدورة التالية…".
لكن الدورة جاءت والمقاعد تبخّرت، وهكذا وجد الاغتراب نفسه في مشهد انتخابي ناقص: حاضر في العد غائب في الكلمة. كأن الوطن يريد أبناءه حين يشتد عليه الحصار، ثم يُقصيهم عندما يحين موعد القرار.
القانون الذي لا يشمل الجميع، لا يمثل أحداً. والانتخاب الذي لا يسمع صوت المغترب، لا يبشّر بالبناء، بل يكرس غياباً جماعياً مغلفاً بورق اقتراع. فالديموقراطية ليست صندوقاً يُملأ كل أربع سنوات، بل قلباً نابضاً بمشاركة كاملة ومواطنة لا تصادرها الجغرافيا ولا يُقزّمها الحساب.
إذا كان المغترب بعيداً عن الوطن فلا تجعلوه بعيداً عن القرار، وان كنا "نُبستر" قوانيننا خوفاً من الجراثيم أحياناً فلنتنبّه: ما نقيضه بالحذر… هو الحياة نفسها.
الولادات "المبسترة" تنتج أجساداً بلا روح وقوانين بلا روح للبناء. ما لم يقطع حبل السرة بين الصناديق الطائفية والمطابخ السياسية، سيبقى قانون الانتخاب في لبنان مشروعاً مؤجلاً، لا يصنع تمثيلاً بل يحاكي موازين القوى. المطلوب ليس حق المغترب في التصويت فحسب، بل حق الوطن في أن يسمع أبناءه، كل أبنائه، لا أن يُصفّيهم من العملية الديموقراطية كما يصفى الحليب من البكتيريا .
فإذا لم نسمح للأصوات النظيفة أن تدخل، فبماذا نطهر هذه الديموقراطية؟

                                                                              

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق