نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
باستثناء تجربة الإمارات... لماذا تعثّرت المشاريع النوويّة العربيّة؟ - شبكة جدة الإخبارية, اليوم الثلاثاء 1 يوليو 2025 07:20 صباحاً
على رغم أن التكنولوجيا النووية باتت عنصراً أساسياً في موازين القوى العالمية، تبدو معظم الدول العربية غير قادرة على امتلاكها، سواء لأغراض سلمية أم ردعية. وبينما يُشعل الملف النووي الإيراني توترات في الشرق الأوسط والعالم منذ سنوات، تغيب البرامج النووية الجدية عن المشهد العربي، باستثناء تجربة يتيمة لدولة الإمارات، تكللت بالنجاح.
فلماذا تعثّرت معظم المحاولات العربية لامتلاك هذه التكنولوجيا؟ وما العقبات التي حالت دون تحويل الرغبات إلى مشاريع قائمة؟ وما الدور الذي لعبته العوامل السياسية والمالية والتقنية، إلى جانب الضغوط الدولية، في إجهاض هذه الطموحات؟
تجربة يتيمة ناجحة
سعى العديد من الدول العربية لتطوير برامج نووية منذ خمسينيات القرن الماضي، لكن دولة الإمارات العربية المتحدة هي الاستثناء الوحيد الناجح حتى الآن.
ففي العقدين الأخيرين، برزت محاولات جديدة ارتبطت أكثر بمسائل أمن الطاقة والنمو السكاني، وكان أبرزها برنامج الإمارات الذي تُوّج بإنجاز أربع وحدات في محطة "براكة" للطاقة النووية، بالشراكة مع كوريا الجنوبية، وفق ما يؤكده الخبير الأردني في الطاقة عامر الشوبكي في تصريح إلى "النهار".
وأبدت دول عربية أخرى مثل السعودية ومصر والجزائر وتونس والمغرب والأردن، رغبة في السنوات الأخيرة بإنشاء مفاعلات نووية.
ومن بين هذه المشاريع، يُذكر المشروع السعودي المدرج ضمن "رؤية 2030"، ومحطة "الضبعة" المصرية التي قطعت أشواطاً متقدمة في التنفيذ.
لكن، في المقابل، تبقى معظم المفاعلات النووية في العالم العربي صغيرة ومخصصة لأغراض بحثية أو طبية فقط.
محطة الضبعة: عقبات سياسية ومالية
ويرى الشوبكي أن فشل البرامج النووية في العالم العربي يعود إلى جملة من العوامل، تختلف من بلد إلى آخر، أبرزها "غياب الاستقرار والإرادة السياسية".
ويضيف: "كثير من المشاريع بدأت بحماسة كبيرة، لكنها توقّفت بمجرّد رحيل المسؤول الذي تبنّاها". كما يلفت إلى "تغيّر الأولويات التنموية في بعض الدول، وغياب استراتيجيات وطنية عابرة للحكومات تضمن استمرارية المشاريع".
إلى جانب العقبات السياسية، تُشكل التكلفة الباهظة لإنشاء المحطات النووية عقبة رئيسية، خصوصاً في ظل أزمات اقتصادية ومديونية متراكمة تعانيها دول عربية عدة.
ويقول الشوبكي: "تراوح تكلفة بناء مفاعل نووي بين 7 مليارات دولار و12 ملياراً، وقد بلغت 25 ملياراً في حالة محطة الضبعة في مصر، وهي أرقام يصعب على معظم الدول العربية تحملها".
في المقابل، يُشكّل توافر مصادر طاقة أخرى أقل تكلفة، كالمتجددة والنفط والغاز، خياراً أكثر مرونة. ويضيف: "في ظل هذه البدائل، تصبح الطاقة النووية أقل جاذبية للعديد من الدول".
ضعف البنية ونقص الكوادر
أما من الناحية التقنية، فتبرز مشكلات هيكلية تؤثر مباشرة في قدرة الدول على تنفيذ مشاريع نووية مستدامة.
ويشير الخبير التونسي الدولي في الطاقة حامد الماطري، في حديث إلى "النهار"، إلى وجود أسباب تقنية وبنيوية تعوق التقدّم في هذا المجال، أبرزها غياب البنية التحتية العلمية والتكنولوجية، وندرة الكفاءات المحلية القادرة على تشغيل مفاعلات نووية وفق معايير السلامة الدولية.
ويضيف أن "ارتفاع التكلفة، وغياب الشفافية، وعدم الاستقرار الإداري، كلها عوامل حالت دون استكمال العديد من المشاريع التي بقيت حبيسة التصريحات والأحلام".
في المقابل، يشير إلى تجارب دول مثل الأرجنتين وجنوب أفريقيا وكوريا الجنوبية التي نجحت في تطوير برامج نووية سلمية من خلال الاستثمار في الكفاءات المحلية والتعاون الوثيق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وشركاء دوليين.
الضغوط الدولية ودور إسرائيل
لكن ربما يبقى العامل الحاسم في تفسير فشل البرامج النووية العربية، كما يشير الخبيران، هو "حجم الضغوط الخارجية"، وعلى رأسها الدور الإسرائيلي.
يقول الماطري إن ملف الطاقة النووية في العالم العربي لا يمكن فصله عن سياق الصراع العربي – الإسرائيلي، ويضيف: "نجحت إسرائيل في تطوير برنامجها النووي منذ خمسينات القرن الماضي، بمساعدة فرنسية كبيرة، مكّنتها من بناء مفاعل ديمونا في صحراء النقب، وامتلاك قنابل نووية، وإن بقي ذلك طيّ الغموض".
ويتابع: "سعت مصر في الستينيات، بدعم من الاتحاد السوفياتي، لتحقيق توازن استراتيجي، غير أن هزيمة 1967 ثم اتفاقية السلام مع إسرائيل، أوقفتا عملياً هذا المسار".
ويؤكد أن المخاوف الغربية من احتمال تحوّل أي برنامج سلمي إلى مسار عسكري، أدت إلى فرض قيود مشددة على الدول العربية، بينما نجحت الضغوط الإسرائيلية في إجهاض العديد من التجارب العربية في مراحل مختلفة.
العراق وليبيا... النموذجان العسكريان
ويختم بالإشارة إلى تجربتَي العراق وليبيا، كنموذجين لمحاولات جدية ذات طابع عسكري، نشأت في دول نفطية غنية ذات نظم عسكرية وطموحات إقليمية.
ويقول: "في العراق، تم بناء مفاعل تموز بدعم فرنسي، لكنه دُمّر بغارة إسرائيلية عام 1981، أما ليبيا، فبدأت مساراً مشابهاً لكنها تخلّت عنه مطلع الألفية تحت الضغط الدولي، وتنازلت رسمياً عن طموحاتها النووية".
0 تعليق