روسيا بين الحذر والبراغماتيّة في صراع إيران وإسرائيل - شبكة جدة الإخبارية

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
روسيا بين الحذر والبراغماتيّة في صراع إيران وإسرائيل - شبكة جدة الإخبارية, اليوم الثلاثاء 1 يوليو 2025 06:10 صباحاً

اختارت روسيا الحذر في مواجهة التصعيد بين إيران وإسرائيل، مكتفية بالإدانة اللفظية للهجمات الإسرائيلية والأميركية على طهران. وحرص الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الظهور بمظهر محايد في الصراع، وعرض خدماته كوسيط للسلام بدلاً من تقديم دعم ملموس عسكرياً لطهران.

وقرار بوتين عدم دعم طهران "مدفوع بالضعف"، بحسب مجلة "فورين بوليسي" التي أشارت الى أنه عندما يحين وقت الحسم، لا تملك روسيا الإرادة ولا القدرة على التدخل في سياسات القوة في الشرق الأوسط. لكن قرار الابتعاد عن الصراع يعكس أيضاً دوافع موسكو المتضاربة.

وعندما انضمت الولايات المتحدة إلى إسرائيل، وهاجمت في نهاية  الأسبوع المواقع النووية الإيرانية، ندد المسؤولون الروس بالضربات. وسارع بعدها كبار الديبلوماسيين في طهران إلى الكرملين لطلب الدعم من بوتين. لكن في اجتماعه مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، اكتفى سيد الكرملين بإدانة الضربات باعتبارها "عدواناً غير مبرر".

وفي هذا الصدد، أفادت وكالة "أ ب" بأن هذا الرد الخافت دون أي مساعدة عسكرية واضحة قد يخيب آمال إيران ويعكس تراجع نفوذ روسيا في الشرق الأوسط، حيث فقدت بالفعل حليفاً رئيسياً وتسعى إلى تحقيق توازن ديبلوماسي دقيق. لافتة إلى أن موسكو قد تحقق بعض الفوائد القصيرة الأجل من الحرب بين إيران وإسرائيل، مثل ارتفاع أسعار النفط لمساعدة الاقتصاد الروسي المتدهور، أو صرف انتباه العالم عن حربها المستمرة منذ ثلاث سنوات في أوكرانيا.

 

قصف اسرائيلي على ايران (وكالات)

قصف اسرائيلي على ايران (وكالات)

 

حليف بحاجة إلى المساعدة
نمت علاقات روسيا مع إيران منذ بدء غزو موسكو الشامل لأوكرانيا في عام 2022، إذ زوّدت طهران موسكو بطائرات "شاهد" بدون طيار والتكنولوجيا اللازمة لبنائها. كانت هذه الطائرات سلاحاً رئيسياً في الحرب.

وأشاد الكرملين بالعهد الجديد للعلاقات الروسية الإيرانية في كانون الثاني/يناير 2025، عندما وقّعت موسكو وطهران اتفاقية شراكة استراتيجية تهدف إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية والعسكرية.

ومع ذلك، فإن رد فعل روسيا يظهر أن صداقتها مع طهران لم تكن أبداً من النوع "اللامحدود"، بحسب "فورين بوليسي"، إذ لم  تقدم روسيا أي مساعدة عسكرية ذات مغزى، مثل أنظمة صواريخ الدفاع الجوي.

لقد دمرت إسرائيل معظم أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية، ولن يكون استبدالها سهلاً، حتى لو أرادت روسيا ذلك، كونها هي أيضاً بحاجة إلى هذه الأسلحة بالذات لجهودها الحربية في أوكرانيا، بحسب "أ ب".

بدوره، قال نيكيتا سماجين، الخبير في السياسات الخارجية والداخلية الإيرانية في مركز "كارنيغي"، في تحليل له، إن ما من  جدوى من توقع أي مساعدة عسكرية لإيران من الجانب الروسي، مشيراً إلى أن "أحداث الأيام الأخيرة أكدت مرة أخرى أن روسيا وإيران لم تصبحا حليفتين عسكريتين". 

وفي ما يخص الاتفاقية، لا تنص المعاهدة على تقديم مساعدة عسكرية في حالة وقوع عدوان، بل تحظر فقط على روسيا وإيران مساعدة أي دولة هاجمت الأخرى.

ويقول الأستاذ في العلاقات الدولية الدكتور نبيل خوري لـ"النهار" إنه بغض النظر عما فعلته روسيا أو بالأحرى ما لم تفعله، لقد رأت طهران أن "موسكو  هي الأقرب إليها  والأكثر دعماً لها"، لافتاً إلى أن "روسيا كانت لاعباً أساسياً في الأزمة، إذ أتاح لها موقفها غير التصادمي مع إسرائيل تقديم ضمانة حول عدم تعرض مفاعل بوشهر للقصف... وهو المفاعل الأقرب إلى الخليج والذي كان قصفه سيتسبب بكارثة بيئية كبيرة".

ويضيف خوري: "هكذا عززت موسكو قناعة دول الخليج بالاستمرار في التعاون المصلحي معها القائم على رغبة الخليج في الاستقلال الاستراتيجي". 

وعلى الصعيد العسكري، يقول خوري إن إيران "هي الأكثر حذراً حيال تطوير العلاقات الدفاعية إلى مستوى أعمق مع روسيا انطلاقاً من مبدأ لا شرق ولا غرب الذي وضعه روح الله الخميني، والذي لا يزال يحكم سياساتها الخارجية إلى حد بعيد".

 

توازن موسكو في الشرق الأوسط
المطالب الإيرانية ليست الوحيدة التي تحاول موسكو الموازنة بينها. تريد روسيا أيضاً الحفاظ على علاقات جيدة مع إسرائيل. الجيشان في كلا البلدين نشطان في سوريا، وقد حرصا على الحفاظ على الاتصالات لتجنب الاشتباكات المباشرة. ظلت إسرائيل محايدة إلى حد كبير خلال الحرب في أوكرانيا، وحذرة من إثارة عداء روسيا بسبب العدد الكبير لليهود فيها.

وكان بوتين قد قال، في مؤتمر في سانت بطرسبرغ، إن إسرائيل تضم ما يقرب من مليوني شخص من روسيا ودول الاتحاد السوفياتي السابق، مؤكداً أن "هذا عامل نأخذه دائماً في الاعتبار".

وتولي موسكو اهتماماً كبيراً لعلاقتها مع واشنطن التي تحسنت منذ عودة الرئيس دونالد ترامب إلى منصبه هذا العام. واستؤنفت المكالمات الهاتفية بين قادة البلدين لأول مرة منذ الحرب في أوكرانيا.

تعقيدات وفرص جديدة لروسيا
فيما الحرب بين إسرائيل وإيران قد أطلقت العنان لتعقيدات جديدة بالنسبة لموسكو، إذ لفت سماجين إلى أنها "تبدو مترددة في كيفية التعامل مع حرب جديدة في الشرق الأوسط"، إلا أنها خلقت أيضاً فرصاً.

ومن المرجح أن تؤدي المواجهة في الشرق الأوسط إلى صرف انتباه الغرب وموارده عن الحرب في أوكرانيا، ما يسهل على روسيا تحقيق أهدافها في ساحة المعركة. وحالياً، تظل أولوية روسيا إخضاع أوكرانيا والحفاظ على سيادتها في الفضاء ما بعد السوفياتي.

كذلك، فإن ارتفاع أسعار النفط سيفيد موسكو التي تعتمد اعتماداً كبيراً على صادرات الوقود لتعزيز ميزانيتها، ما يسمح للكرملين بتمويل إنتاج الأسلحة ومكافحة التضخم المتزايد.

ويقول خوري: "في الخلاصة، كانت روسيا براغماتية في تعاطيها مع هذه الحرب، وهي إن لم تكن قد حققت مكاسب، إلا أنها نجحت في الحفاظ على وضعها... بين خيار أن تعزز دعمها لإيران مع احتمال أن يؤدي ذلك إلى تورط غير مرغوب فيه بحرب خطيرة وربما مباشرة مع أميركا، وخيار الإسناد بالقدر الممكن والدعم الديبلوماسي، اختارت روسيا على ما يبدو الخيار الثاني".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق