نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
لبنان ما بين الحرب ومشتقاتها! - شبكة جدة الإخبارية, اليوم الجمعة 27 يونيو 2025 05:30 صباحاً
قد يغدو نمطاً بالغ القتامة أدمنه معظم اللبنانيين لفرط ما مرّ بهم وعليهم من تجارب تستنسخ مراراً وتكراراً الوقوع في أوهام السلام الثابت الدائم الراسخ، ومن ثم تعود اللعنة إياها لإسقاطهم في متاهات الهدنات وأنصاف السلام وأنصاف الحروب والاضطرابات. والأسوأ الذي يلازم هؤلاء اللبنانيين المصابين بداء التشكيك واستعصاء شفائهم من التطير السياسي، أنهم ذاقوا مرّ التجارب الأشد إيلاماً من فشل مشاريع الاستقرار والازدهار، وهي تجارب أن يتكبد لبنان دوماً أكلاف ومشتقات الحروب الإقليمية كما الصفقات الإقليمية الدولية، لا لشيء إلا أن معادلة مخيفة تجثم فوق أقداره تحول دون إنجازه دولة الحماية الثابتة القوية لمصالح اللبنانيين، فتحل مصالح الأقوياء الإقليميين والدوليين في شبه استباحة متمادية لواقعه الدراماتيكي المستدام.
تبعاً لهذه الحقيقة غير القابلة للجدل والنفي والتجميل بأي شكل، يجد لبنان نفسه في اللحظة الراهنة، غداة فرض الإدارة الأميركية وقف نار غريباً غرائبياً، قسرياً طوعياً في آن، على إسرائيل وإيران، معنياً حتى العظم بأيّ تطور آتٍ في قابل الأيام والأسابيع، جراء هذه الغرائبية الغامضة في إنهاء حرب لا يسمح التوصيف المتجرد الموضوعي لنتائجها إلا أن ينصح بمزيد من الترقب الاستراتيجي لكشف ما لم يكشف من معالم كثيرة أنهاها وقف النار المباغت على زغل والتباس عصت الإجابة عليهما حتى الآن حتى على أميركا نفسها.
لبنان معني باستقراء إلى أين المسار الحربي فيه المستمر منذ ما قبل الحرب الإسرائيلية - الإيرانية وبعدها، على ما يكشف تحوّل لبنان إلى ساحة عمليات مفتوحة لإسرائيل من جهة وانكشاف تمادي "حزب الله" في أنشطته التسلحية والتمويلية واللوجستية من جهة مقابلة. بعد حرب الـ12 يوماً الإسرائيلية الإيرانية، ليس من المصادفات أبداً ان تستفيق المخاوف مضاعفة على احتدامات جديدة على أرض الميدان الجنوبي، في جنوب الليطاني وشماله وأبعد، على ما تسارعت إليه الأحداث في اليومين الأخيرين.
لا تقف استحقاقات لبنان عند هذا الهمّ المقيم الذي صارت معه معادلة نزع سلاح "حزب الله" منذ اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل، والأصح موضوعياً بين "حزب الله" والدولة العبرية، في 27 تشرين الثاني / نوفمبر الماضي، صنو السلاح النووي في إيران لجهة إجماع العالم على التخلص منه وإلا الحرب... هكذا كان سلاح الحزب سباقاً مرات ومرات في صياغة النمط الحربي الذي يسلط على لبنان السلاح نصفَ منزوعٍ جنوبَ الليطاني ومشروعَ نزعٍ في بقية أنحاء الجمهورية اللبنانية، وشبح الهراوة الإسرائيلية الحربية الغليظة مسلط فوقه في كل لحظة مع كل غارة واغتيال وعملية على مدار السبعة أيام في الأسبوع والأربع والعشرين ساعة في اليوم.
لم تبدل "الحرب الأمّ الكبرى" بين إسرائيل وإيران حتى اللحظة، وحتى ثبوت العكس إيجاباً أو سلباً، حرفاً في مسار اللعنة الحربية المتسلطة على لبنان.
ولا تقف هواجس اللبنانيين ويجب ألا تقف هنا، فثمة ما هو أدهى في الشبهة المبررة بأن صفقة ما تزحف في بال رمز الصفقات العالمية الرئيس دونالد ترامب مع إيران قد تكون الحالة اللبنانية أقرب ضحاياها إطلاقاً، فيما يهلل لبنانيون طرباً لهذا النوع من الأوهام. لعلنا لن نستبق ما يجب التريث وعدم التسرع في إطلاق الأحكام المسبقة عليه، لكنّ سجل السوابق اللبنانية في مشتقات الحروب والصفقات يبدو الحقيقة الوحيدة التي "يستحيل" على اللبنانيين إلا الإجماع عليها!
0 تعليق