نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بلغاريا تدخل نادي اليورو: خطوة اقتصادية... ورسالة سياسية إلى موسكو! - شبكة جدة الإخبارية, اليوم الخميس 26 يونيو 2025 12:10 مساءً
أعلنت بلغاريا عن نيتها اعتماد العملة الأوروبية الموحدة "اليورو" اعتباراً من أول كانون الثاني /يناير 2026، في خطوة تُعد الأبرز منذ بدء مساعيها للانضمام إلى منطقة اليورو عام 2020، وبذلك تكون بلغاريا الدولة 21 التي تنضوي تحت جناح الاتحاد الأوروبي. وجاء الإعلان على لسان الرئيس البلغاري رومين راديف في التاسع من أيار /مايو ، وهو اليوم الذي يُصادف احتفال أوروبا بذكرى النصر على الفاشية، ما أضفى على الإعلان رمزية خاصة في سياق التكامل الأوروبي.
السياق التاريخي
بدأت بلغاريا إجراءات الانضمام إلى منطقة اليورو بالتوازي مع كرواتيا عام 2020، وكان من المفترض أن تعتمد العملة الموحدة مطلع عام 2023. إلا أن الأزمات السياسية المتكررة التي شهدتها البلاد، وتغيّر الحكومات سبع مرات منذ ذلك الحين، حال دون إتمام الخطوة في موعدها، بينما نجحت كرواتيا في الانضمام. رغم هذه التحديات، واصلت بلغاريا سعيها نحو تحقيق الشروط الفنية والاقتصادية اللازمة للانضمام.
الأسباب والدوافع
يرجع تسريع الحكومة الحالية خطوات الانضمام إلى رغبتها في تأمين شرعية داخلية وخارجية، وسط تحالف حكومي هش يضم قوى سياسية متباينة. كذلك، فإن الانضمام إلى اليورو يُعد خياراً استراتيجياً ضمن سياسة الاندماج الأوروبي وتقليص النفوذ الروسي، خاصة بعد الحرب في أوكرانيا وقطع بلغاريا علاقاتها مع موسكو في قطاع الطاقة.
ورغم أن بلغاريا لا تزال تُخالف بعض الشروط الاقتصادية الأساسية – كالعجز في موازنة 2025 الذي يُتوقع أن يبلغ 7% مقابل الحد المسموح به وهو 3% – إلا أن المفوضية الأوروبية أبدت استعداداً للتساهل في تطبيق بعض المعايير، في سياق دعم استمرارية المشروع الأوروبي.

صورة تعبيرية (وكالات)
النتائج المتوقعة
في هذا الإطار يتوقع علي متولي، استشاري اقتصادي في Ibis للاستشارات، ومقرها بريطانيا، في حديثه لـ"النهار" أن "يعزز انضمام بلغاريا إلى منطقة اليورو من استقرارها المالي، ويُسهم في جذب الاستثمارات، وخفض تكلفة الاقتراض، ورفع مستوى الشفافية في إدارة المال العام.
كما أن تبنّي اليورو سيدفع البلاد إلى تسريع وتيرة الإصلاحات القضائية والإدارية التي لا تزال تُعد من أبرز التحديات أمام انضمامها الكامل”، ودعم متولي كلامه بتجارب سابقة، ومنها تجربة كرواتيا، فأشار إلى أن "الانضمام إلى اليورو قد يؤدي إلى زيادة الاستثمارات، وتقليل المخاطر، وتيسير التجارة. كذلك، قد تستفيد بلغاريا من التمويل الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي، سواء لتطوير البنية الرقمية، أو التدريب المهني، أو دعم سوق العمل، ما قد يُسهم في تقليل معدلات البطالة".
كما قد يؤدي الانضمام إلى "تعزيز القوة التفاوضية والإشراقية لبلغاريا داخل الاتحاد الأوروبي، إلا أن هذه الخطوة برأي متولي، "قد تثير في الوقت نفسه بعض المخاوف المرتبطة بارتفاع الأسعار".
أما من ناحية العلاقة مع روسيا، فيلحظ متولي أن "بلغاريا قطعت علاقاتها بالطاقة الروسية بشكل شبه كامل. فقد أوقفت واردات الغاز منذ عام 2020، واتخذت خطوات لتقليل اعتمادها على النفط الروسي، ما ساهم في تعزيز اندماجها في السوق الأوروبية وتقليص النفوذ الروسي".
إلا أن القرار لم يخلُ من الجدل الداخلي، إذ أثار الرئيس البلغاري جدلاً واسعاً بإعلانه رغبته في إجراء استفتاء شعبي حول اعتماد اليورو، في ظل رفض شعبي متزايد، إذ تُظهر استطلاعات الرأي أن 55% من المواطنين يعارضون الانضمام في 2026.
هذه التحركات برأي متولي، "مدعومة من موسكو وتهدف إلى تقويض الثقة بالاتحاد الأوروبي، والتشكيك في جدوى الانضمام من ناحية التضخم والهوية الوطنية".
خطوة بلغاريا نحو الانضمام إلى منطقة اليورو في 2026 ليست فقط قراراً اقتصادياً، بل هي تحوّل سياسي واستراتيجي يُراد من خلاله تثبيت البلاد ضمن الفلك الأوروبي، وتقليص اعتمادها على مراكز النفوذ الداخلية والخارجية، لا سيما الروسية. ومع بقاء التحديات قائمة، تبقى الأشهر المقبلة حاسمة في تقرير مصير هذه الخطوة التاريخية.
0 تعليق