المبادرةُ الخضراء و”الحياةُ الفطرية”.. وأبعاد تناغُمِ الأهدافِ التنمويَّة - شبكة جدة الإخبارية

اخبار جوجل 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
المبادرةُ الخضراء و”الحياةُ الفطرية”.. وأبعاد تناغُمِ الأهدافِ التنمويَّة - شبكة جدة الإخبارية, اليوم الجمعة 4 يوليو 2025 11:25 صباحاً

كنتُ قد أجريتُ العام الماضي حواراً مع سعادة الرئيس التنفيذي للمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية الدكتور محمد علي قربان، نُشر في صحيفة المدينة المنورة، وقد استطاع من خلاله -وهو من العلماء البارزين في علوم البحار- أن يرسمَ أبعادَ التناغمِ بين مُخرجات المركز وطموحات مبادرة السعودية الخضراء التي أطلقها سمو ولي العهد عام 2021م بهدف تفعيل دور جميع فئات المجتمع في العمل المناخي والبيئي، وتحقيق طموح المملكة في الوصول إلى الحياد الصِّفري عبر تبنِّي نموذج الاقتصاد الدائري للكربون، وتسريع انتقالها نحو الاقتصاد الأخضر.
لم تكنْ هذه المبادرةُ مجردَ رؤية لبناء مستقبلٍ أكثر استدامة، بل كانتْ ركيزةً أساسية لاتخاذ إجراءاتٍ عملية في مجالِ العملِ المناخي والبيئي.
لقد برز من خلال الحوار مع الرئيس التنفيذي عمقُ الرؤيةِ الاستراتيجية للمركز، وأبعادُ أهدافِه التي تجسّدُ تلك الرؤية الاستثنائية في تحقيق: “حياة فطرية وتنوع أحيائي ونظم بيئية مزدهرة ومستدامة”. لذا لم نستغربْ أن تكونَ مبادراتُ المركز البيئية الرئيسة من مرتكزات المبادرةِ الخضراء، فهو يعملُ على التوسّع في المناطق المحمية، وتحقيقِ الإدارةِ الفاعلة والعادلة والمتكاملة فيها، وإكثارِ وإعادةِ توطين الكائنات المهددة بالانقراض، وتقييمِ البيئاتِ البحرية والساحلية وإعادةِ تأهيلِ المتضررِ منها.
ولا نستغربُ أن يتناغمَ هذا النموذجُ النوعي في العمل البيئي التنموي مع الإطار العام الذي تتبناه المبادرةُ الخضراء التي تركزُ على تقليل الانبعاثات الكربونية، وتكثيفِ عمليات التشجير واستصلاح الأراضي من خلال زراعة 10 مليارات شجرة في أنحاء المملكة، وإعادة تأهيل 40 مليون هكتار من الأراضي، وحماية 30% من المناطق البرية والبحرية في المملكة بحلول عام 2030 من خلال مبادراتٍ طموحةٍ ترسمُ ملامحَ المستقبل.
نقولُ: لا نستغربُ أن يتناغمَ هذا النموذجُ البيئي الفريد في ظلِّ جهود المركز التي تجسّدُ صورةً ناصعة للعمل البيئي التكاملي الذي يصبُّ في بوتقة التنمية المستدامة. فهو يعملُ ضمن منظومةٍ بيئية على تعزيز جهود المملكة في الحفاظ على البيئة وصونِ مواردِها وتعزيزِ استدامتها بما يحققُ أهدافَ الاستراتيجية الوطنية للبيئة وطموحاتِ رؤيةِ المملكة 2030.
لقد قدّم مركزُ الحياة الفطرية العديد من البرامج الشاملة والمبادرات الفاعلة للارتقاء بالأداء البيئي وتعزيز توازُنِه، ونفَّذ بنجاحٍ خططاً فاعلةً للتصدي للأخطار والتحديات المحدِّقة بالحياة الفطرية البرية والبحرية، بالتزامن مع تطويره أدواتٍ متعددةً لتحقيق الحماية البيئية، وتعزيز المشاركة المجتمعية، وترسيخ الوعي البيئي، مُوجّهاً اهتمامَه لتحفيز البحث والابتكار، والتوسُّع بالشراكات المحلية والعالمية، والاستفادة من التحوُّل الرقمي لخدمة برامجِه من خلال تطوير البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات في مجال المحافظة على الحياة الفطرية، مستعيناً بنخبةٍ من الباحثين المحليين والدوليين، مع حرصِه الملحوظ على تطبيق أفضل التجارب والممارسات العالمية لحماية التنوع الأحيائي، ومواءمة عمل المنظومة الوطنية للمحافظة على التنوع مع المستهدفات العالمية، مُتوِّجاً منظومة عطاءاته بإطلاق (خطة منظومة المناطق المحمية) خلال المنتدى الإقليمي العاشر للاتحاد الدولي لصون الطبيعة لدول غرب آسيا، لحماية 30% من مناطق المملكة البرية والبحرية، وإنشاء شبكة وطنية لتلك المحميات الفريدة بحلول عام 2030، بما يساهمُ في تحقيق الهدف 30×30 الذي يُعتبر من المرتكزاتِ الرئيسةِ في أهداف المبادرة الخضراء.
بهذه الجهودِ النوعية أضحى المركزُ أحد مُحددات ازدهار السياحةِ البيئيةِ في المملكة في ظل ما تتمتع به محمياتُها البرية والبحرية من مقوماتٍ طبيعيةٍ وثراءٍ أحيائي تجعلها مقصداً يُثري تجاربَ ملايين السياح ممن يتطلعون بشغفٍ إلى سبرِ أغوار الطبيعةِ التي تصنعُ الدهشةَ بميزاتها التنافسية التي تأسرُ القلوبَ وتستهوي العقول.
إنَّ المواءمة الفريدة بين أهدافِ المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، والمنظومة البيئية ومبادرة السعودية الخضراء، والعملَ الدؤوب لتحقيق طموحات رؤية المملكة 2030 قادتْ إلى بناءِ رؤية مشتركة تستهدفُ تعظيمَ أثرِ القطاع البيئي وإعلاءَ قيمتِه باعتباره أحد القطاعات الواعدة التي تدفعُ عجلة النمو والازدهار، وتساهمُ في تحقيق جودةِ الحياة وإثراءِ مشاريعِ التنميةِ الاجتماعية والاقتصادية.
ولعلَّ تسجيلَ عددٍ من المحميات الوطنية كمحميتَي عروق بني معارض والوعول وغيرهما ضمن القائمة الخضراء للاتحاد الدولي لصون الطبيعة، وقبلها تسجيل محمية العروق في قائمة التراث العالمي الطبيعي لليونسكو يمثلُ مؤشراً بارزاً وشهادةً عالمية على النجاح الاستثنائي للمركز في تحقيق أهدافِ مبادرة السعودية الخضراء، وطموحاتِ رؤية المملكة 2030، من خلال تميُّزِه المُلهم في الوصول إلى الإدارة البيئية المستدامة والفعالة والعادلة لتلك المحميات، بما يجسدُ حرصَ المملكة على صونِ مواردها الطبيعية، وتحقيقِ التوازنِ بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة، والتزامها بدعم الجهود العالمية في الحفاظ على التنوع الأحيائي وتحقيق أهداف إطار “كونمنج مونتريال”.
وليس أدل على النجاحات المتتالية التي حققها المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية من حصوله على جائزة الريادة للأنواع المهاجرة المقدَّمة خلال الاجتماع الرابع عشر لمؤتمر الأطراف في سمرقند (أوزباكستان) العام الماضي، وكذلك جائزة الأميرة صيتة بنت عبد العزيز للتميز في العمل الاجتماعي عن فرع الاستدامة البيئية، ثم جائزة القصيم للتميز والإبداع (فرع التميز البيئي)، وغيرها الكثير من الجوائز والشهادات.
وهذا ينادي بضرورةِ تكثيفِ الجهودٍ الوطنية في مختلف القطاعات لدعم برامج المركز وباقي المنظومة البيئية الداعمة لالتزامات المملكة بصونِ ثرواتِها البيئية، وتراثها الطبيعي، وموائلِها الفطريةِ النابضة بالثراء الأحيائي البديع.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق