في عالم تشتعل فيه النزالات، هناك فن قتالي مختلف. ليس مجرد ركلات ولكمات، إنه فلسفة حياة. فن يُدرّب الجسد، ويهذّب النفس، ويزرع الانضباط قبل القوة.

إنها رياضة الكاراتيه، الإرث الياباني، الذي تحوّل إلى أسلوب حياة عالمي، وحوّل "المعركة" من الحلبة إلى داخل الإنسان: احترام الخصم، التحكّم بالغضب والانتصار على النفس قبل الغير.

نهاد جاسم خيطاني، لاعبة سابقة لمنتخب إيران أحرزت العديد من الألقاب في البطولات المحلية والخارجية، تغمل حالياً مدربة وحكمة في عُمان، دخلت عالم الكاراتيه متأثرة بأشقائها ووالدها الذي شجعها وكان الداعم الأول لها.
وهنا نص الحوار:

*لماذا اخترتِ الكاراتيه؟
- الكاراتيه هي سلاح مهم لأي شخص، لأنه يمنحه الاحترام والانضباط وثقة بالنفس ودفاعاً عن النفس، ويزيد من قوة شخصيته وحضوره في المجتمع، وخصوصاً لدى الأولاد

أعشق التحدي والقوة بشكل خاص، ومقتنعة تماماً بأن اختياري لهذه الرياضة هو قرار صائب.

*ماذا عن التحضير الذهني؟
- في رياضة الكاراتيه، التحضير مهم جداً، لأنه يساهم في تطوير المهارات، زيادة اللياقة البدنية، وتعزيز الانضباط الذهني، فالأمر الأخير مهم جداً يتمثل بالتركيز، لأن الكاراتيه ليست حركات فحسب، بل تتطلب حضوراً ذهنياً عالياً، بالإضافة إلى احترام القواعد والمدرب وصولاً إلى التحفيز الداخلي من خلال وضع هدف والقتال من أجله.

نهاد. (إنستغرام)

*... كيف نستعد؟
- من المهم جداً إجراء تدريبات، ولاسيما منها النفسية، والتي تعتمد على الكثير من الأمور، مثل التهدئة والتأمل وجلسة تنفس لتصفية الذهن، والتزام روتين منتظم، وصولاً إلى التعذية الجيدة والنوم الكافي.

*هل الكاراتيه رياضة خطرة على السيدات؟
- أؤكد لكل السيدات أن الكاراتيه رياضة مهمة ويجب أن تثق كل امرأة بإمكاناتها وقدرتها على التعلّم.

*واقع الرياضة في العالم العربي؟
- تعد مصر من أفضل الدول العربية والأفريقية في الكاراتيه، وتملك أسماء بارزة مثل جيانا فاروق، التي نالت ميدالية برونزية في أولمبياد طوكيو 2020، تليها المغرب والجزائر، بالإضافة إلى حضور تونسي.

أما على الصعيد العربي الآسيوي، فشهدت الكاراتيه السعودية تطوراً سريعاً في السنوات الأخيرة، وآخر الأبطال طارق حامدي الذي فاز بفضية أولمبياد طوكيو أيضاً.

وزاد اهتمام الإمارات أيضاً بالكاراتيه، من خلال استضافة العديد من البطولات العالمية، لتبرز نفسها على الساحة القارية والدولية، إلى جانب الأردن والكويت.

نهاد. (إنستغرام)

*أي بلد عربي هو الأكثر اهتماماً بالكاراتيه عند السيدات؟
- أعتقد أن مصر هي الأكثر اهتماماً على الصعيد النسائي، وهذه الرياضة بالنسبة إليها ليست عيباً، بل على العكس تشجع الفتيات على تعلّمها في سن مبكرة.

*نظرة المجتمع العربي الى المرأة التي تمارس رياضة قتالية؟
- ياللأسف، هناك فكرة موجودة عند نسبة كبيرة من الأشخاص أن رياضة الكاراتيه عنيفة وليست مناسبة للسيدات، لكن من يجرّبها يكتشف مدى جمالها.

*تحديات كامرأة في هذا المجال؟
- قبل أن أبدأ بممارسة الكاراتيه، طبعاً واجهت الكثير من التحديات في بلادي ونظرة المجتمع، وهذا أمر كان متوقعاً، لكن حين دخلت المجال أكثر تغيّرت كل الأمور ولم أصادف أي تحديات متعلقة بهذا الجانب.

لكن شيئاً واحداً أزعجني، وهو التهميش وقلة الاهتمام بنا كسيدات مقارنة بالشباب.

نهاد. (إنستغرام)

*لماذا الكاراتيه غير منتشرة كثيراً في عالمنا العربي؟ 
- لاشك في أن كرة القدم هي الرياضة الأكثر اهتماماً في الوطن العربي، والجماهير تهتم بها، خصوصاً مع توافد أسماء عالمية جديدة إلى الساحة الخليجية، واحتراف عدد كبير من اللاعبين العربي في أهم البطولات العالمية.

ياللأسف الجماهير لا تهتم بالكاراتيه كثيراً ولا حتى تمنح نفسها فرصة لتجربتها أو مشاهدتها.

*أصعب موقف؟
- الخسارة كانت أصعب ما يمكن أن أمر به، خصوصاً في البطولات الخارجية.

*فرصة لمواجهة لاعبة في العالم... من ستكون؟
- الإسبانية ساندرا سانشيز، التي اعترفت بها سابقاً موسوعة غينيس للأرقام القياسية، لفوزها بأكبر عدد من الميداليات في دوري الكاراتيه 1 الممتاز، والحائزة على الميدالية الذهبية الأولمبية أيضاً، وبفئة الكاتا الفردي للسيدات أكثر من مرة في بطولة العالم.

*اسم كتاب عن مشوارك الرياضي؟
- أنتِ قدها.

*حين تشعرين بالعصبية، تعدّين للرقم 10؟
- لا أبدأ بالعد، بل أذهب سريعاً إلى النادي وأتدرب حتى أخرج الطاقة السلبية من داخلي.