هبة القواس في "بودكاست مع نايلة": الموسيقى مرآة الخلية والكون صدى لنبضٍ داخلي - شبكة جدة الإخبارية

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
هبة القواس في "بودكاست مع نايلة": الموسيقى مرآة الخلية والكون صدى لنبضٍ داخلي - شبكة جدة الإخبارية, اليوم الخميس 3 يوليو 2025 08:30 مساءً

في لقاء استثنائي عبر "بودكاست مع نايلة"، فتحت المؤلفة الموسيقية ورئيسة الكونسرفاتوار الوطني الدكتورة هبة القواس قلبها، لتأخذنا في رحلة إلى أعماق تجربتها الفنية والروحية، حيث تلتقي الفلسفة بالموسيقى.

منذ لحظات حياتها الأولى، سكنتها الموسيقى. ولدت بعد 17 عاماً من الانتظار، ابنة وحيدة كانت أمها تكتب يومياتها، وقد وثّقت كيف أن المهد نفسه لم يكن حاجزاً أمام استجاباتها النادرة للأصوات: فحين كانت تعاني من عدم تحمّل اللاكتوز، لم يكن يهدّئها سوى صوت الموسيقى الكلاسيكية، تغني مع البيانو وتنام. في عمر السنتين ونصف سنة بدأت العزف، وفي الرابعة كانت تؤلف، من دون أن تعرف بعد معنى التأليف.

 

" title="هبة القواس في" frameborder="0">  

 

في هذا اللقاء، كانت القواس تتحدث عن نفسها بصيغة الغائب. تقول "هبة تشعر أن لديها رحلة"، وكأنها تعيش انفصالاً تأملياً عن ذاتها، ترى في شخصيتها مساراً منفصلاً تتأمّله وتحلّله. بالنسبة لها، الحياة رحلة داخلية تتقاطع مع الذبذبات الكونية، والموسيقى هي الوسيلة لفهم هذا الكون والتفاعل معه، وتضيف: "نحن الموسيقيين نستطيع أن نحلم بالكون، نستحضره، ونعيش فيه في مخيلتنا".

هبة القواس لا تؤلف فقط، بل تعيش حالات من الغليان الداخلي، تفيض منها الموسيقى، وتصف هذه اللحظات بأنها انتقال إلى عالم موازٍ، حيث تتبدّل الحواس.

رغم مسيرتها الحافلة في العالم، من باريس إلى ميلانو إلى الخليج، قرّرت العودة إلى لبنان من أجل مشروع واضح: الأوبرا العربية. صدمها الواقع اللبناني، فلا دار أوبرا، ولا بنية تحتية، ولا إنتاج، ولا وكلاء، ولا مسارح. ولكنها لم تتراجع. أطلقت أعمالها، أسّست مؤسستها الخاصة، وساهمت في بناء مسار جديد للموسيقى الكلاسيكية العربية.

ترأست أخيراً المعهد الوطني العالي للموسيقى (الكونسرفاتوار)، وتحمل مشروعاً شاملاً أطلقت عليه اسم "360 درجة". يضم البرنامج تعليم الموسيقى منذ الأشهر الأولى من عمر الطفل، حيث يأتي الرضيع مع أهله ليستمع ويتفاعل مع الأصوات، وصولاً إلى الكبار والبالغين، حتى أولئك الذين فاتهم قطار التخصّص. وتقول: "الإنسان يولد مبدعاً، لكن النظام التعليمي القائم على التلقين يطفئ هذا الإبداع تدريجياً".

 

الدكتورة هبة القواس.

الدكتورة هبة القواس.

 

ترى القواس أن الموسيقى تفعّل الدماغ بكامل أجزائه، وتخلق توازناً بين الشطر الأيمن، المسؤول عن الإبداع، والشطر الأيسر، المعني بالوظائف التنفيذية. لذلك، ترى في غياب التربية الموسيقية عن المدارس كارثة وطنية. ورغم أنها وفريقها طوّروا منهاجاً موسيقياً ودرّبوا الأساتذة، سحبت الدولة المشروع بسبب كلفة المعدات.

إلى جانب كل ذلك، تحمل القواس هموماً فلسفية تتعلق بالذكاء الاصطناعي والـ blockchain. ترى أن الذكاء الاصطناعي، رغم قدراته، يهدّد الإبداع الحقيقي لدى من لا يمتلك شخصية متفرّدة. تقول: "الذكاء الاصطناعي يولّد الكسل ويقضي على التميّز إن لم نحسن استخدامه".
ورغم تخصصها الأكاديمي في الطب النفسي والطب العضوي لعلاج الأمراض المستعصية، فإن الموسيقى بقيت أداتها الأسمى للعلاج والتغيير. تؤمن بأن كل خلية في الجسد لها ذبذبتها الخاصة، وأن الخلل في هذه الذبذبات يمكن أن يتحوّل إلى مرض. لذلك، تعمل على مشروع يعتمد الذبذبات الموسيقية في العلاج.

هبة القواس لا تكتفي بالموسيقى فقط. تهتم بشؤون المرأة، والتراث اللبناني، وتشارك في قضايا اجتماعية وثقافية متعددة. تؤمن بأن الفنان لا يمكن أن يكون منعزلاً عن قضايا شعبه. حملت وجع الحرب اللبنانية في صوتها، مزجته بالحزن والفرح، وعبّرت عنه بموسيقى تنبع من القلب.

في نهاية اللقاء، شكرت نايلة تويني لأنها "أخرجت من هبة كل ما لم تكن تنوي قوله". ربما لأن الحديث مع نايلة، بالنسبة لهبة، لم يكن مقابلة، بل لحظة صفاء، عبّرت فيها عن جوهرها، عن تلك الطفلة التي بدأت الغناء في المهد، وعن تلك المرأة التي ما زالت ترى في الموسيقى صلاة كونية عميقة، ورسالة لا بد من إيصالها.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق