نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
إيلون ماسك والمعلّم طنّوس - شبكة جدة الإخبارية, اليوم الأربعاء 2 يوليو 2025 04:20 مساءً
ريبال الياس سميا*
إيلون ماسك، شاغل الكلّ، واحد من أكبر و أنجح رجال الأعمال في العالم، مهتمّ بالاستثمار في لبنان، ويبدي رغبته في إدخال شركاته، ومن ضمنها "سبيس إكس" إلى السّوق اللبنانيّة.
خبرٌ سمِعناه مؤخّراً في بعض وسائل الإعلام. خبرٌ يحمل في طيّاته بشائر خير للمستقبل، ومؤشّرات إيجابيّة بأنّ الوضع الاقتصاديّ والأمني في لبنان نحو ازدهار واستقرارٍ بإذن اللّه. فرغبة ودخول هكذا مستثمرين وشركات كبرى إلى السّوق اللبنانيّة، بالإضافة الى خلق فرص عمل لعددٍ كبيرٍ من اللّبنانيين المقيمين من كافّة القدرات والاختصاصات، يُرسِل رسائل إيجابيّة إلى المستثمرين والشّركات في الخارج وفي الدّاخل أيضاً، جاذباً استثمارات إضافيّة إلى السّوق اللّبنانيّة، ما ينعكس إيجاباً على الحركة الاقتصاديّة في مختلف القطاعات.
بشرى خيرٍ مع بداية صيفنا، الذي أصبح في السنوات الماضية يترافق مع خبرٍ مزعج يؤرق عدداً كبيراً من اللّبنانيين، هو أزمة شحّ المياه وانقطاعها عن المشتركين. أزمة قديمة، لكنّ جديدها هذه المرّة، أن حنفيّة مياه "الدّولة" تيتّمت باكراً بسبب شحّ المتساقطات هذه السّنة. فمن يزور المناطق الجبليّة، تلفت نظره ندرة التراكمات الثلجيّة، والذوبان الكلّي تقريباً "للنسّافات" الثّلجيّة، التي عادةً تكون لا تزال تغطّي مساحات لا يُستهان بها من هذه القمم المرتفعة في هذا الوقت من السّنة.
هذا الواقع انعكس سلباً على نفسيّة وجيبة المواطن الذي أصبح هاجس تأمين المياه للاستعمال المنزليّ، من الواجبات الدّوريّة المكلفة له ماديّاً ومعنويّاً. فشريحة كبيرة من اللّبنانيين، لا يكفيهم عبء تحمّل فاتورتيّ الكهرباء، وفاتورة مياه الشّرب على مدار السّنة، لأنّ عدداً كبيراً من المناطق تصله المياه غيرَ صالحةٍ للشّرب. فعليهم أيضاً تحمّلُ فاتورتيّ المياه للاستعمال المنزليّ. زِد على هذه كلّها، سَطوة واستبداد "المعلّم طَنُّوس": صهريجَهُ، و من وراءَهُ.
إنّها أزمة يمكن أن يتمّ تفاديها، إذا تمّت إدارتها، والتعامل معها، بآليّات تطبيقيّة علميّة و عملاتيّة. فالله أنعم علينا ببلدٍ تتوافر فيه الأنهر، والينابيع، والمياه الجوفيّة. وبمناخ يسمح بتغذية هذا المخزون من المياه الجوفيّة كلّ سنة، من الأمطار والثلوج التي تكلّل قِمَمَ جبالنا. لكنّ حسابات الحقل غير حسابات البيدر، فالكميّة الكبرى من مياه الأمطار تذهب هدراً إلى البحر، أو تتجمّع في سدود تجفّ في فصل الصّيف عند وجود أمسّ الحاجة إليها. والأكثرية الباقية من مياه الأنهار وبحيرات تجميع المياه تتلوّث بسبب الفوضى، بحيث يصبح من المستحيل الاستفادة منها للإستعمال اليوميّ وحتّى للريّ في بعض الحالات.
إنّ تطبيق القوانين الموجودة بحزمٍ، وتعديل بعضها، وسنّ قوانين جديدة حيث تدعو الحاجة، هي المدخل للحلّ. فإزالة التّعدّيات عن محيط مجاري المياه، و تشديد الرّقابة على أعمال الحفر و البناء، و منع رمي النّفايات، والمياه المبتذلة، ومخلّفات المصانع فيها، فرض عمليّات التكرير على المجمّعات السّكنيّة و المصانع، صيانة شبكة المياه المهترئة للتخفيف من الهدر، وإزالة التّعدّيات عنها وتفعيل الجباية، التّوعية المجتمعيّة لترشيد استهلاك المياه، تجميع مياه الأمطار، توجيه المزارعين إلى إدخال واستعمال تقنيات الريّ الحديثة، واختيار المزروعات التي تتناسب مع مناخنا... كلّ هذه المقترحات يمكن أن تُتَّبع إذا أردنا أن نترك للأجيال المستقبليّة ثروةً مائيّة صالحة ومُستدامة، كي لا تجري مياه صهريج "المعلّم طنّوس" بما لا تشتهي جيبة المواطن.
تأمين الخدمات الأساسيّة من مياه، وكهرباء، وطرقات، وإيجاد الحلول لها، يجب أن تكون من الأولويّات عند المعنيّين، لأنّها من العوامل الأساسيّة الُمسَاعِدَة على جذب، وإراحة المستثمرين.
"سبايس إكس" سوف تفاوض الجهّات الرّسميّة لتعبيد الطّريق للدخول إلى السّوق الإقتصاديّة اللّبنانيّة. نأمل في هذا الوقت أن تطال الصرخات آذان المعنيين، وتبدأ الحلول للمشاكل اليوميّة تتظهّر الواحدة تلوَ الأُخرى، كي لا يُعيد إيلون التّفكير بقراره، مُكتشفاً أنّ كلّ مهندسيه، وتِقَنيّيه، وتجاربه العلميّة، وخيلِهِ، وسُمرِهِ وبِيضِهِ، لن توصله إلى المرّيخ، وطاحونة "سبايس إكس" لن تدور إن لم يرضَ عنه "المعلّم طَنُّوس".
*مهندس
0 تعليق