رأفة بالدستور - شبكة جدة الإخبارية

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
رأفة بالدستور - شبكة جدة الإخبارية, اليوم الثلاثاء 1 يوليو 2025 05:30 مساءً

الدكتور عصام سليمان 

الرئيس السابق للمجلس الدستوري 

دأب مجلس النواب على مخالفة الدستور، فأصبحت مخالفته القاعدة والتقيد به الاستثناء. القوانين التي يجري التوافق في شأنها، وتنطوي على مخالفات دستورية، يجري الاتفاق على عدم الطعن بها أمام المجلس الدستوري، فتصبح نافذة رغم المخالفات فيها، وكأن إرادة مجلس النواب فوق الدستور الذي أنشأه وحدّد صلاحياته. فـ"المجلس سيد نفسه" مقولة سقطت منذ أكثر من ثمانين سنة، نتيجة تطور المفاهيم الدستورية، ولو كان المجلس كذلك لما كان ثمة مبرر لنشوء المحاكم والمجالس الدستورية لمراقبة دستورية القوانين.

 

يجري الجدال في مجلس النواب على المادة 112 من قانون الانتخاب رقم 44 /2017، والتي خصصت مقاعد نيابية لغير المقيمين موزعة على القارات الست.

 

هذه المادة مخالفة للدستور لأن المادة 24 من الدستور نصت على توزيع المقاعد النيابية بالتساوي بين المسيحيين والمسلمين، ونسبيا بين طوائف كل من الفئتين، وبين المناطق. والمقصود بالمناطق تلك التي يتكون منها إقليم الجمهورية اللبنانية كما حدد في المادة الأولى من الدستور، وليس العالم بأجمعه بما فيه القارات الست. ولو جرى الطعن بقانون الانتخاب عام 2017 لكان المجلس الدستوري أبطل هذه المادة، إلاّ أن التوافق على القانون حال دون تقديم طعن بدستوريته.

 

لذلك ينبغي إلغاء المادة 112 لأنها مخالفة للدستور، من دون النظر إلى حسابات انتخابية. فقانون الانتخابات النيابية يجب ألا يتعارض والدستور لكي لا تحوم الشكوك حول شرعية المجلس المنتخب على أساسه.

 

كما أن إعطاء اللبنانيين غير المقيمين حق الخيار بين الاقتراع في أماكن تسجيل قيد نفوسهم أو في أماكن سكنهم، يقتضي، انطلاقا من مبدأ المساواة بين المقيمين وغير المقيمين، إعطاء المقيمين حق الخيار بين الاقتراع في أماكن تسجيل قيد نفوسهم أو في أماكن سكنهم، لكي يتساووا في هذا الحق مع غير المقيمين.

 

لذلك ينبغي اعتماد الميغاسنتر في الانتخابات النيابية المقبلة ومباشرة اتخاذ الإجراءات التي تفسح المجال أمام الناخبين المقيمين للاقتراع في أماكن سكنهم إن أرادوا.

 

لقد أوصت لجنة الإدارة والعدل عام 1960 عندما كانت تدرس مشروع قانون الانتخاب، باعتماد مبدأ الاقتراع في مكان السكن لمن يشاء من الناخبين، أي منذ خمس وستين سنة، وحان الوقت لاعتماد هذا الإجراء الذي يسهل عملية الاقتراع ويؤدي إلى زيادة نسبة المشاركة في الانتخابات.

 

أما ما سمّي "القانون الأرثوذكسي"، حيث يقترع الناخبون في كل طائفة للمرشحين عن المقاعد المخصصة لطائفتهم، فهو مخالف للمادة 27 من الدستور التي نصت على أن النائب يمثّل الأمة جمعاء، وبالتالي لا يمثل طائفته فحسب لكي يقتصر انتخابه على الناخبين من طائفته. وهو يتعارض أيضا مع المسار الذي سلكته قوانين الانتخاب منذ وضع الدستور عام 1926 واعتمدت الهيئة الناخبة الواحدة حيث يقترع الناخبون في الدائرة الانتخابية لمرشحين عن جميع المقاعد النيابية.

 

إن قوانين الانتخاب تخضع في معظم الدول لرقابة المحاكم والمجالس الدستورية تلقائيا ومن دون تقديم طعن، نظرا إلى أهميتها الاستثنائية. فالشعب مصدر السلطات يعبّر عن إرادته بواسطة انتخابات تُجرى دوريا، وينبغي أن يكون قانون الانتخاب مطابقا للدستور.

 

لذلك يجب توزيع صلاحيات المجلس الدستوري وإخضاع قانون الانتخاب لرقابته تلقائيا ومن دون طعن، حفاظا على شرعية مجلس النواب.

 

نخشى أن يكون الهدف من الجدال المحتدم حول قانون الانتخاب، قبل أشهر من انتهاء ولاية مجلس النواب، التمهيد لتمديد هذه الولاية وارتكاب مخالفة دستورية تضاف إلى سجل المجلس في المخالفات.

 
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق