أزمة أنظمة التقاعد.. أسئلة حارقة بلا جواب حول تدبير أموال الصناديق

أزمة أنظمة التقاعد.. أسئلة حارقة بلا جواب حول تدبير أموال الصناديق

يعود ملف التقاعد ليطفو إلى السطح إثر الاجتماع الأخير للجنة الوطنية المسؤولة عنه، بمشاركة مكثفة من كافة الأطراف المعنية، التي تسارع الزمن مع الحكومة لإيجاد حل لاستدامة الصناديق، مع التأكيد من طرف النقابات على أي إصلاح لا ينبغي أن يكون على حساب المتقاعدين وذوي الحقوق، وبين هذا وذاك تُطرحَ أسئلة كبيرة حول تدبير أموال الصناديق وحكامتها ولا سيما أدوارها السلبية في هذه الأزمة.

وترأس رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، الخميس، اجتماعا للجنة الوطنية لمتابعة ملف التقاعد، تم تخصيصه لمناقشة الوضع الراهن لأنظمة التقاعد، والاتفاق على منهجية العمل والمقاربة التي سيتم اعتمادها بشكل توافقي من أجل وضع إطار إصلاحي شامل.

الاجتماع لم يستثنِ جهةً معنية، وحضرته كل من وزيرة الاقتصاد والمالية، ووزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، والوزيرة المنتدبة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، مع ممثلي النقابات الأكثر تمثيلية، ووفد من الاتحاد العام لمقاولات المغرب.

حضور يكشف عن استعجالية الملف في كافة أبعاده، فإذا كانت النقابات العمالية تستعجل زيادة في معاشات التقاعد في القطاعين العام والخاص، بعدما علت احتجاجات هذه الشريحة الاجتماعية من هُزال معاشاتها وعجزها عن تغطية حاجيتها، لاسيما في ظل التضخم وغلاء المواد الأساسية، فإن الحكومة ومسؤولي الصناديق منشغلون أيضاً باستدامة الصناديق وإيجاد حلول مستعجلة لإنقاذها من إفلاس سيكون وبالاً على السلم الاجتماعي.

وفي هذا الصدد، شدد الخبير الاقتصادي، إدريس الفينة، على أن إصلاح أنظمة التقاعد لا يجب أن يبدأ من جيوب المنخرطين، بل من إعادة بناء الثقة عبر الحكامة الجيدة، والشفافية المالية، والمسؤولية في اتخاذ القرار.

وقال إن ملف أنظمة التقاعد أصبح مزمنا ودائم الحضور على طاولة كل رئيس حكومة جديد؛ وسرعان ما يُعاد إحياء نفس الخطاب: الصناديق تقترب من الإفلاس، والإصلاح بات ضرورة استعجالية.

ونبه الأستاذ بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي، إلى أن النقاش العمومي في هذا الملف يغفل دائمًا الأسئلة الجوهرية، التي لا تزال بلا أجوبة منذ سنوات، وعلى رأسها أين نحن من حكامة صناديق التقاعد؟ ذلك “أن كل المؤشرات المتوفرة تفيد بأن ضعف الحوكمة يشكل إحدى أبرز الإشكاليات التي تعاني منها هذه الصناديق”.

واعتبر رئيس “المركز المستقل للتحليلات الاستراتيجية” أنه لم يتم بعد تقديم أجوبة عن طبيعة المخزون المالي لهذه الصناديق وكيف يُدبّر؟ وهل العوائد المسجلة مقبولة؟ وهل تُدار وفق معايير المهنية والشفافية المطلوبة؟ وفي أي نوع من الأصول تُستثمر أموال المنخرطين؟

وتساءل الفينة عما إذا كان يتم توجيه هذه الأموال نحو أدوات استثمارية منخفضة المخاطر وعالية المردودية أم أن هناك قرارات مرتجلة وغير مدروسة؟ وعلى أي أسس تُغيَّر القوانين المنظمة لهذه الصناديق؟ وما هي المعايير المعتمدة في تحديد نسب توزيع الاستثمارات؟ وهل تأخذ بعين الاعتبار متغيرات السوق والضمانات المالية للمستفيدين؟

 كما أورد أن سؤالا كبيراً ينبغي أن يُطرح حول التجارب الفاشلة؛ “مثلما حدث مع أحد الصناديق التابعة لصندوق الإيداع والتدبير، حين تم ضخ مليارات الدراهم في سندات شركة الضحى، وانتهى الأمر بخسائر فادحة”.

وخلص إلى أن هذه التساؤلات ليست مجرد تفاصيل تقنية، بل تشكّل المرتكز الحقيقي لأي إصلاح جاد ومستدام لأنظمة التقاعد في المغرب.

المصدر: مدار 21