بين حماية الدروز ومشروع توسعي.. لماذا قصفت إسرائيل سوريا؟

بين حماية الدروز ومشروع توسعي.. لماذا قصفت إسرائيل سوريا؟

بعد تدخل جيش إسرائيل في أمور سوريا الداخلية، يبرز تساؤل جوهري حول الأهداف الخفية وغير المعلنة لهذا التدخل، الذي جاء مفاجئًا ودون مبررات واضحة.

ونفذ جيش إسرائيل، فجر الأربعاء، غارات جوية عنيفة استهدفت عدة مناطق في سوريا، شملت ريف درعا ودمشق، بالإضافة إلى مواقع حساسة بالقرب من القصر الرئاسي السوري، ومقر رئاسة الأركان، إلى جانب منشآت تابعة للجيش السوري. 

أهداف معلنة: إسرائيل تحت ذريعة “حماية الدروز”

من جانبه اعتبر أستاذ العلاقات الدولية، الدكتور أسامة شعث، أن إسرائيل تسوق مبررًا ظاهريًا لتدخلها في الجنوب السوري، وهو “حماية أبناء الطائفة الدرزية”، إلا أن هذا التبرير، وفقًا له، لا يتعدى كونه غطاءً لغايات أعمق وأكثر تعقيدًا.

وأوضح شعث، في تصريحات لـ”تليجراف مصر” أن الهدف الحقيقي هو منع الدولة السورية من استعادة سيطرتها الكاملة على أراضيها، خاصة في المناطق الجنوبية، لما لذلك من تأثير على التوازن الإقليمي والاستحقاقات السياسية المستقبلية، خصوصًا تلك المرتبطة بالمفاوضات الإقليمية وملف السلام.

وأشار شعث إلى أن إسرائيل تخشى من أي تقدم عسكري أو سياسي سوري قد يؤدي إلى استعادة السيطرة على الحدود الجنوبية والجنوبية الشرقية، لأنه سيجبرها على الدخول في مفاوضات مباشرة، قد تشمل الانسحاب من الجولان المحتل. 

وأضاف أن دمشق كانت واضحة في موقفها، وأكدت أن أي تفاوض مرهون بانسحاب كامل من الأراضي المحتلة، ما يتعارض مع العقيدة السياسية والأمنية الإسرائيلية الرافضة لهذا الطرح.

وبحسب شعث، فإن العقيدة السياسية الإسرائيلية شهدت تحولًا جوهريًا منذ مؤتمر مدريد وكامب ديفيد، حيث تم استبدال مبدأ “الأرض مقابل السلام” بمبدأ “الأمن مقابل السلام”، ما يعكس رغبة إسرائيل في الحفاظ على مكتسباتها الجغرافية دون تقديم تنازلات حقيقية في ملفات الاحتلال.

أهداف غير معلنة.. مشروع “إسرائيل الكبرى”

فيما أكد شعث أن الأهداف غير المعلنة لإسرائيل تتعدى الملف السوري، وترتبط بالمشروع التوسعي المعروف بحدود “إسرائيل الكبرى” من النيل إلى الفرات. 

وأوضح أن إسرائيل استطاعت بالفعل تعزيز نفوذها في بعض المناطق مثل نهر الليطاني جنوب لبنان، وتستخدم استراتيجية التوسع التدريجي وفرض الوقائع الميدانية كوسيلة دائمة لتوسيع حدود نفوذه.

ولفت أستاذ العلاقات الدولية، إلى أن التصعيد في سوريا يأتي أيضًا لصرف أنظار المجتمع الدولي عن الجرائم المستمرة في قطاع غزة، والتي تصاعدت حدتها مع اقتراب التوصل إلى اتفاق دولي لوقف إطلاق النار. 

كما أشار إلى أن إسرائيل، بالتنسيق مع بعض الجهات الأجنبية، لا تزال يمارس انتهاكات بحق المدنيين، خاصة خلال عمليات توزيع المساعدات، في مشاهد وصفها بـ”مصائد الموت”.

نتنياهو في مأزق وسوريا الملاذ

ولفت شعث إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسعى من خلال التصعيد العسكري إلى تعزيز موقفه السياسي المتعثر، خاصة في ظل الأزمات المتراكمة داخل حكومته، أبرزها الفشل في تمرير قانون إعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية. 

وأضاف أن هناك احتمالات لعقد جلسة في الكنيست خلال يوليو الجاري لحجب الثقة عنه، وهو ما يحاول نتنياهو تفاديه بأي تصعيد خارجي قد يغير الأولويات السياسية الداخلية.

واختتم شعث تصريحاته بالتأكيد على أن السياسات الإسرائيلية الراهنة تهدد استقرار المنطقة بأسرها، وتُكرّس واقع الاحتـلال بدلًا من السعي نحو سلام عادل، مشيرًا إلى أن الحل يبدأ من احترام السيادة السورية، والانسحاب الكامل من الأراضي المحتـلة، وهو ما ترفضه إسرائيل، في ظل استمرارها باتباع نهج القوة والعدوان.

المصدر: تيليجراف مصر