في مثل هذا اليوم من عام 1928، وُلد إلياس جيمس خوري (Elias James Corey)، أحد أعظم العقول في مجال الكيمياء العضوية، والذي حاز جائزة نوبل في الكيمياء عام 1990 تقديرًا لمساهماته الثورية في تطوير منهجيات التخليق العضوي، واليوم، نحيي ذكرى ميلاده الـ97، ونستعرض كيف شكلت أفكاره نقطة تحول غيرت مسار البحث العلمي والصناعة الكيميائية في العالم.
نشأته
وُلِد إلياس جيمس خوري لأبوين مهاجرين من أصول لبنانية ينتميان للطائفة الأرثوذكسية اليونانية، هما فاطمة (هاشم) وإلياس كوري، وذلك في مدينة ماثوين بولاية ماساتشوستس، على بُعد نحو 50 كيلومترًا شمال مدينة بوسطن، حيث قامت والدته، بعد وفاة والده بعد ولادته بـ18 شهرًا، بتغيير اسمه من “ويليام” إلى “إلياس” تكريمًا لذكرى والده الراحل.
عاش خوري طفولته في بيت واسع يضم والدته الأرملة، وأخًا، وأختين، وعمته وعمه، وواجهوا جميعًا صعوبات الحياة خلال فترة الكساد الكبير، وكان خوري في صغره فتى مستقلًا يحب ممارسة الرياضة، مثل البيسبول وكرة القدم والمشي لمسافات طويلة، والتحق بمدرسة ابتدائية كاثوليكية، ثم أكمل دراسته الثانوية في مدرسة لورانس الثانوية في ولاية ماساتشوستس.
في سن 16 عامًا، التحق خوري بـ معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، حيث حصل على درجة البكالوريوس عام 1948، ثم درجة الدكتوراه في الكيمياء تحت إشراف البروفيسور جون سي. شيهان عام 1951، وكان اهتمامه العلمي في البداية يقتصر على الرياضيات، وبدأ دراسته الجامعية في مجال الهندسة، لكنه غيّر مساره إلى الكيمياء بعد أول محاضرة له في هذا التخصص خلال سنته الثانية، وقرر حينها أن يسلك طريق الكيمياء كمهنة مستقبلية.
دراسته العليا وانجازاته
بناءً على دعوة من أستاذه شيهان، واصل خوري دراسته العليا في MIT حتى نال الدكتوراه، ثم عُرض عليه منصب أكاديمي في جامعة إلينوي في إربانا-شامبين، حيث أصبح أستاذًا كاملاً للكيمياء عام 1956، وكان يبلغ من العمر حينها 27 عامًا فقط، وفي عام 1952، انضم إلى فرع جمعية Alpha Chi Sigma الكيميائية بنفس الجامعة.
وفي عام 1959، انتقل إلى جامعة هارفارد، حيث شغل منصب أستاذ الكيمياء العضوية، ولا يزال حتى اليوم أستاذًا فخريًا (Emeritus) يحتفظ بفريق بحثي نشط في مجاله. وقد اختار التخصص في الكيمياء العضوية لما تحمله – على حد قوله – من “جمال داخلي وأهمية كبيرة لصحة الإنسان”.
مبتكر “التخليق العضوي الموجه بالحاسوب”
بدأت مسيرته الأكاديمية في جامعة MIT، قبل أن يصبح أستاذًا بجامعة هارفارد، إلا أن إنجازه الأعظم تمثل في تطوير ما يعرف بـ”التركيب العضوي المنطقي” أو “التخليق الرجعي” (Retrosynthetic Analysis)، وهي منهجية ثورية تقوم على تحليل الجزيئات المعقدة إلى وحدات أبسط يمكن بناؤها بشكل منهجي.
هذا النهج لم يكن مجرد أداة تعليمية، بل أصبح حجر الأساس في تصميم وتصنيع آلاف العقاقير والمواد الكيميائية، وجعل من الممكن برمجة الحواسيب لتصميم طرق تركيب المركبات الكيميائية بدقة وكفاءة، وهو ما يُعد النواة الأولى لفكرة “الكيمياء الموجهة بالذكاء الاصطناعي” اليوم.
نوبل تقديرًا للتخطيط الكيميائي
في عام 1990، حصل خوري على “جائزة نوبل في الكيمياء” “لأنه فتح آفاقًا جديدة في تصميم التخليق العضوي”، حسبما وصفته الأكاديمية السويدية. وقالت اللجنة إن خوري “جعل من الممكن تصنيع مركبات عضوية معقدة بسهولة أكبر، مما أفاد الطب والصناعة والبحث العلمي بشكل لا يُقدّر بثمن”.
أبرز الجوائز:
حصل العالم إلياس جيمس خوري (E. J. Corey) على أكثر من 40 جائزة كبرى خلال مسيرته العلمية، من أبرزها:
جائزة لينوس باولنغ (1973)
ميدالية فرانكلين (1978)
جائزة تيتراهدورن (1983)
جائزة وولف في الكيمياء (1986)
الميدالية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة (1988)
جائزة اليابان (1989)
جائزة نوبل في الكيمياء (1990)
جائزة اللوحة الذهبية من الأكاديمية الأمريكية للإنجاز (1991)
جائزة روجر آدامز (1993)
وسام بريستلي، وهو أعلى تكريم تمنحه الجمعية الكيميائية الأمريكية (2004)
وفي عام 1998، تم إدراجه في قاعة الشهرة لجمعية Alpha Chi Sigma، تكريمًا لإسهاماته البارزة في مجال الكيمياء.
وبحلول عام 2008، كان قد حصل على 19 درجة دكتوراه فخرية من جامعات حول العالم، من بينها:
جامعة أكسفورد (المملكة المتحدة)
جامعة كامبريدج (المملكة المتحدة)
الجامعة الوطنية تشونغ تشينغ (تايوان)
وفي عام 2013، تم افتتاح معهد إلياس جيمس خوري للأبحاث الطبية الحيوية (E.J. Corey Institute of Biomedical Research – CIBR) في مدينة جيانغين، بمقاطعة جيانغسو، شرق الصين.
تعليقات