سفير السعودية بالقاهرة يلتقي وزير الشؤون النيابية لبحث التعاون المشترك

سفير السعودية بالقاهرة يلتقي وزير الشؤون النيابية لبحث التعاون المشترك

التقى سفير خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية مصر العربية صالح بن عيد الحصيني، وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، المستشار محمود فوزي وذلك بمقر الوزارة بالقصر العيني، وتم تبادل الأحاديث حول التعاون ، وبحث المسائل ذات الاهتمام المشترك.

حضر اللقاء رئيس الشؤون السياسية بالسفارة طلال بن غرم الله الغامدي

وفى سياق اخر وزير الشؤون النيابية: الحكومة تعمل على إصدار قانون ينظم إتاحة وتداول المعلومات

وجه شباب النسخة الرابعة من ملتقى شباب المعرفة أسئلة متنوعة للمستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، خلال إحدى جلسات الملتقى، كان من بينها ما يلي: 

السؤال الأول

في ظل انتشار المعلومات المضللة والإشاعات في المجتمعات بشكل عام، كيف ترون السبيل إلى بناء وعي سياسي حقيقي وعميق لدى الشباب والمواطنين والنشء في المجتمع المصري؟

الوزير المستشار محمود فوزي . من الضروري أن ندرك جميعًا أن المجتمع المصري مجتمع يغلب عليه الطابع الشبابي، وبالتالي فالشباب يمثلون شريحة حرجة ومؤثرة في مسار تقدم الدولة.

في الماضي، كانت أدوات الإعلام والوعي أدوات تقليدية، وكان من الممكن التحكم في المحتوى الموجَّه إلى الجمهور. أما اليوم، فقد أصبح الهاتف المحمول نافذة مفتوحة على العالم بأسره، فالمعلومات هي من تأتي إلى المواطن، وليس العكس. وهذا يُحتم علينا أن نعمل على تمكين الشباب من القدرة على التمييز والفهم والتحليل بأنفسهم.

ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال أربع ركائز أساسية:

أولًا: تمكين الشباب من التفكير النقدي، أي تزويدهم بما يسمى “التمكين المعرفي”. وهذا يعني أن يكون لدى الشاب القدرة على التفرقة بين المعلومة والخبر، وبين الدعاية والحقيقة. لأنه ببساطة، لا يمكننا أن نلاحق كل خبر كاذب أو مضلل، لكن يمكننا أن نُعِدّ شبابًا قادرًا على تمييز المعلومة الصحيحة من الزائفة بشكل ذاتي.

ثانيًا: لا يجوز أن نترك فراغًا بين الشباب والمعلومة الصحيحة. فإذا كانت هناك منصات تنشر معلومات مضللة، فلا بد أن توجد في المقابل منصات موثوقة تقدم محتوى سليمًا وجاذبًا، يصل للشباب ويكسب ثقتهم.

ثالثًا: التواصل السياسي. وهذه من المرات الأولى التي توجد فيها حقيبة وزارية متخصصة في هذا المجال. والتواصل السياسي لا يعني فقط نقل الرسائل من طرف إلى آخر، بل هو عملية أعمق تقوم على ربط مكونات المجتمع ببعضها، وتعزيز الثقة، وتقريب وجهات النظر، خاصة في اللحظات التي قد تختلف فيها الآراء. يجب أن نرسّخ فكرة أن الاختلاف ليس عيبًا، ولكن المهم هو كيفية إدارة هذا الاختلاف بشكل بنّاء.

رابعًا: من الضروري أن تحرص مؤسسات الدولة على بناء شراكات استراتيجية مع جميع الأطراف ذات الصلة، سواء على المستوى الدولي مثل الأمم المتحدة وبرامجها، أو على المستوى الإقليمي مثل مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، أو على المستوى المحلي من خلال منظمات المجتمع المدني الفاعلة.

إذا نجحنا في تمكين الشباب، وتقديم المعلومات الصحيحة لهم، وبناء ثقتهم بأنفسهم وبالمصادر الموثوقة، سنكون قد قطعنا شوطًا كبيرًا في مواجهة سيل المعلومات المضللة، وسنكون قد أسّسنا لوعي سياسي حقيقي يُسهم في بناء الدولة.

سؤال حول التشريعات والمعرفة والحق الدستوري في الحصول على المعلومة:

س(٢)

السؤال المتعلق بالتشريعات والمعرفة، والحق الدستوري في الوصول إلى المعلومات، هو سؤال في غاية الأهمية، لأنه يرتبط بشكل مباشر بموضوع هذا اللقاء. فإذا كنا نتحدث عن “المعرفة”، فلا يمكن الحديث عنها دون توافر “المعلومة”.

وقد أشرتم في السؤال الأول إلى المعلومات الزائفة والمضللة، وهنا لا يكفي فقط أن نقول إن تلك المعلومات غير صحيحة، بل لا بد أن نقابلها بتقديم المعلومات الصحيحة والدقيقة للمواطن.

في هذا السياق، يجدر بنا أن نُشيد بما ورد في الدستور المصري الصادر عام 2014، الذي كان متقدمًا بشكل ملحوظ في هذه المسألة. واسمحوا لي أن أقرأ عليكم نص المادة (68) من الدستور، والتي تنص على ما يلي:

“المعلومات، والبيانات، والإحصاءات، والوثائق الرسمية، ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية، وينظم القانون ضوابط الحصول عليها وإتاحتها وسريتها، وقواعد إيداعها وحفظها.”

هذا النص الدستوري يعني ببساطة أن الحق في الحصول على المعلومات والبيانات والإحصاءات الرسمية هو حق أصيل لكل مواطن، وليس منحة. لكنه حق يجب تنظيمه بقانون.

هل تعمل الحكومة على إصدار قانون ينظم إتاحة وتداول المعلومات؟
الإجابة: نعم، هناك عمل جارٍ في هذا الاتجاه.

ولكن، من المهم أن نُدرك أن تنظيم هذا الحق لا يمكن أن يتم بمعزل عن ركيزتين أساسيتين:

1. أولًا: ضرورة مواجهة بعض الممارسات غير المشروعة في مجال تكنولوجيا المعلومات.
وقد تحقق ذلك بالفعل من خلال صدور قانون جرائم تقنية المعلومات، الذي يتعامل مع قضايا مثل: القرصنة، الإفساد المتعمد للأنظمة المعلوماتية، والهجمات الإلكترونية التي تُهدد البنية التحتية الرقمية. وهذا القانون يُعد أحد الركائز المهمة في بناء بيئة معلوماتية آمنة.

2. ثانيًا: الحاجة إلى وجود بنية تحتية رقمية وتنظيمية تُمكِّن المواطن من الحصول على المعلومة بطريقة ميسّرة وشفافة، مع احترام ضوابط الخصوصية والأمن القومي.

بالتالي، لا يكفي أن نقرّ بحق المواطن في المعرفة، بل يجب أن نُعزّز هذا الحق من خلال تشريعات متكاملة، وبنية مؤسسية وتكنولوجية تضمن إتاحته بشكل آمن وفعّال، بما يخدم بناء مجتمع المعرفة الذي نطمح إليه.

استكمالًا للحديث حول قانون حرية تداول المعلومات:

إذا تقدّم أحد المواطنين بطلب للحصول على معلومة، فإن الجهة المختصة تُصبح مُلزَمة بالرد عليه. فإذا تم رفض الطلب، يكون من حق المواطن أن يعرف أسباب الرفض، مثلًا: “لا، لا يحق لك الحصول على هذه المعلومة للأسباب الآتية: 1، 2، 3”. وفي هذه الحالة، يكون من حق المواطن اللجوء إلى القضاء للطعن على القرار.

وفي المقابل، إذا ثبت أن المواطن له الحق في الحصول على المعلومة، فإن الجهة الإدارية تلتزم بتوفيرها بأسرع وسيلة تقنية ممكنة.

لكن يجب التنبيه إلى أن بعض الطلبات قد تكون غير واقعية أو غير عملية، مثل أن يطلب شخص الاطلاع على بيانات ومعلومات تتعلق بموضوع ما خلال فترة تمتد إلى 300 سنة! هذا النوع من الطلبات يفرض تكاليف مالية وبحثية ضخمة على الدولة، ولذلك يجب أن تكون الطلبات متزنة، ومبنية على احتياج حقيقي، وأن يتم تنظيمها بقواعد تضمن التوازن بين الحق في المعرفة والإمكانيات الواقعية.

والحقيقة أن قانون حرية تداول المعلومات من القوانين المهمة والمثيرة للاهتمام، وأدعو الشباب إلى متابعة مناقشاته ومراحل إصداره. فبمجرد أن تنتهي الحكومة من إعداد المسودة وتحيلها إلى البرلمان، من المتوقع أن تشهد نقاشًا مجتمعيًا واسعًا، لأنها بالفعل من التشريعات الحيوية في العصر الحديث.

وقد استفدنا كثيرًا في إعداد هذا القانون من التجارب المقارنة، حيث تمت دراسة النماذج البريطانية، والأوروبية، والأمريكية، للخروج بأفضل تصور يناسب السياق المصري. وهو قانون يستند إلى أساس دستوري واضح، متمثل في المادة 68 من الدستور المصري، التي أقرت أن المعلومات الرسمية ملك للشعب.

ونأمل قريبًا أن يرى هذا القانون النور، ليكون أحد أعمدة بناء مجتمع المعرفة في مصر.

س (٣)

كلمة ختامية للشباب المصري:

الشباب يستطيع أن يفعل كل شيء إذا أراد ذلك، لكن عليه أن يُحدد هدفه، ويجتهد، ويلتزم أمام نفسه بتحقيقه. لا يوجد شيء مستحيل.

بذل المجهود، بشكل منظم ومستمر، هو الطريق الحقيقي للوصول. هذا العصر هو عصر المعرفة، والفرص المتاحة لكم لا تُقارن أبدًا بما كان متاحًا لنا. بضغطة زر واحدة على “جوجل” أو “شات جي بي تي”، تستطيعون الوصول إلى كل الدراسات والمعلومات التي تحتاجونها.

حدد هدفك، ضع له توقيتًا واضحًا، والتزم بخطة عمل تُوصلك إليه. إذا التزمت بجدية، فلا يمكن لأي شيء أن يمنعك من الوصول. كل شيء ممكن، فقط إذا كانت رؤيتك واضحة، وأهدافك محددة، وهناك مجهود منظم يُبذل لتحقيقها.

المصدر: مصر تايمز