بين الدعم العربي والغضب الإسرائيلي.. اعتراف ماكرون بفلسطين يثير الجدل

بين الدعم العربي والغضب الإسرائيلي.. اعتراف ماكرون بفلسطين يثير الجدل

حَظِي إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اعتزام بلاده الاعتراف بالدولة الفلسطينية بترحيب واسع من عدد كبير من الدول العربية والأجنبية، باعتباره خطوة فارقة وتاريخية في مسار إقامة دولة فلسطينية مستقلة، في حين قوبل بغضب شديد من جانب إسرائيل والولايات المتحدة.

ترحيب مصري

رحّبت مصر بهذه الخطوة، التي تأتي في إطار دعم الجهود الدولية الهادفة إلى تجسيد دولة فلسطينية مستقلة على حدود يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

ودعت مصر جميع الدول التي لم تتخذ هذا القرار بعد إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، تأكيدًا لالتزام المجتمع الدولي بالتوصل إلى حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، وإسهامًا في ترسيخ مبادئ السلام والعدالة، ودعمًا لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، وعلى رأسها حقه في تقرير المصير.

كما أكدت أهمية تضافر الجهود الإقليمية والدولية لوضع حد للمعاناة الإنسانية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، مشددةً على المسؤولية الأخلاقية والقانونية التي تقع على عاتق أعضاء المجتمع الدولي ومجلس الأمن، لوقف الممارسات والانتهاكات وسياسة التجويع التي يمارسها جيش الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما يسهم في الحفاظ على السلم والأمن الإقليمي والدولي.

إشادة سعودية

ورحّبت وزارة الخارجية السعودية بإعلان ماكرون، واصفةً القرار بالتاريخي، لما يحمله من تأكيد لتوافق المجتمع الدولي على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

وشددت المملكة على أهمية مواصلة الدول اتخاذ خطوات تُفعل قرارات الشرعية الدولية وتعزز الالتزام بالقانون الدولي، مجددة دعوتها للدول التي لم تعترف بعد، لاتخاذ خطوات مماثلة تدعم السلام وحقوق الشعب الفلسطيني.

موقف الأردن

من جانبها، رحّبت وزارة الخارجية الأردنية بقرار ماكرون، معتبرةً إياه “خطوة مهمة للتصدي لمساعي إنكار حق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في تقرير المصير، وتجسيد دولته المستقلة ذات السيادة على ترابه الوطني”، بحسب وكالة الأنباء الأردنية (بترا).

وجددت الأردن التأكيد على موقفها الثابت في مواصلة العمل مع الأشقاء والشركاء الدوليين لدعم حق الفلسطينيين في الحرية وإنهاء الاحتلال وتجسيد دولتهم المستقلة.

السلطة الفلسطينية وحماس

رحّب نائب رئيس الوزراء الفلسطيني، حسين الشيخ، بالقرار الفرنسي، موجّهًا الشكر للرئيس ماكرون على رسالته إلى الرئيس الفلسطيني، والتي جدّد فيها موقف فرنسا الثابت، وأكد اعتزامها الاعتراف بالدولة الفلسطينية في سبتمبر المقبل.

من جهتها، اعتبرت حركة حماس الإعلان خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح، نحو إنصاف الشعب الفلسطيني ودعم حقه في إقامة دولته المستقلة على كامل أراضيه المحتلة، وعاصمتها القدس.

ورأت الحركة أن الموقف الفرنسي تطور سياسي يعكس تنامي القناعة الدولية بعدالة القضية الفلسطينية، وفشل الاحتلال في تزييف الحقائق أو كبح إرادة الشعوب الحرة.

موقف الكويت وقطر

كما رحّبت الكويت وقطر بإعلان ماكرون، مشيرتَين إلى أن القرار ينسجم مع قرارات مجلس الأمن ومبادرة السلام العربية، ويهدف إلى تمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وأكدت الدولتان أن الخطوة تمثل دعمًا مهمًا للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وتجسيدًا لتوافق دولي واسع على ضرورة إنهاء الاحتلال وتمكين الفلسطينيين من إقامة دولتهم المستقلة.

غضب إسرائيلي وأمريكي

على الجانب الآخر، قوبل إعلان ماكرون بردود فعل غاضبة من الجانب الإسرائيلي؛ إذ وصف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الخطوة بأنها “مكافأة للإرهاب”، مدعيًا أنها تمثل “تهديدًا بظهور وكيل جديد لإيران”، ومضيفًا أن إقامة دولة فلسطينية “ليست وسيلة للتعايش، بل منصة للقضاء على إسرائيل”.

ووصف وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، القرار بأنه “عار واستسلام للإرهاب”، مؤكدًا أن إسرائيل لن تسمح بقيام “كيان فلسطيني يشكّل خطرًا على أمنها ووجودها”، على حد تعبيره.

كما انتقد وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، الرئيس الفرنسي بشدة، قائلًا: “ماكرون لا يستطيع تأمين إسرائيل.. وآمل أن يتمكن على الأقل من الحفاظ على الأمن في شوارع باريس”.

أما رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، نفتالي بينيت، فاعتبر القرار الفرنسي “انهيارًا أخلاقيًا”، حسب وصفه في منشور عبر منصة “إكس”.

واشنطن ترفض الاعتراف الفرنسي

وفي واشنطن، أعرب وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو عن معارضة بلاده الشديدة للقرار الفرنسي، مؤكدًا أن واشنطن “ترفض بشكل قاطع تحرّك ماكرون للاعتراف بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة”.

ووصف روبيو هذه الخطوة بأنها “متهورة”، مدعيًا أنها “تخدم دعايات حماس وتُعقّد جهود تحقيق السلام”.

كما وصف السيناتور الجمهوري ليندسي جراهام، المقرب من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، قرار باريس بـ”الغريب والمثير للقلق”، معتبرًا أنه سيزيد من صعوبة التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.

المصدر: تيليجراف مصر