جراح التنمر الإلكتروني لا تندمل.. كيف تؤثر التعليقات على الصحة النفسية؟

جراح التنمر الإلكتروني لا تندمل.. كيف تؤثر التعليقات على الصحة النفسية؟

لم تعد الكلمات مجرد وسيلة للتعبير، بل أصبحت أداة تأثير تحمل وقعا نفسيا قد يفوق الأفعال، خاصة حين توجه على شكل أحكام تجاه الآخرين في لحظات هشة أو مواقف شخصية دقيقة.

تعليقات قد تبدو عفوية أو غير مقصودة، لكنها تترك جروحا عميقة في نفوس من يمرون بتجارب حساسة، مثل الطلاق، المرض النفسي، أو الإعاقة…وآخر دليل على ذلك قصة سلمى، التيكتوكر المغربية التي أجريت عملية لإنقاص وزنها هربا من “التنمر”، لكنها لقيت حتفها بعد أسابيع قليلة من ذلك.

وأصبحت منصات التواصل الاجتماعي ساحة إضافية تعرض فيها حياة الناس، وتتعرض فيها للحكم والنقد، غالبا دون معرفة بالسياق أو مراعاة للخصوصية.

وفي هذا السياق، ترى بشرى المرابطي، أخصائية نفسية وباحثة في علم النفس الاجتماعي، أن هذا الفضاء الرقمي يشكل بيئة مشبعة بالعنف اللفظي والضغط النفسي الخفي.

وتوضح، في تصريح لجريدة مدار21: “ما يُنشر في وسائل التواصل الاجتماعي اليوم لا يخلو من السب والشتم، وهو ما يؤثر بشكل كبير على الأفراد، من خلال تبخيس ذواتهم وتشويه صورة الجسد والنظرة السلبية للذات، مما يؤدي إلى انخفاض تقدير الذات وزعزعة الثقة بالنفس”، مشددة على أن “التعليقات القاسية، خصوصًا المتكررة منها، لا تمر دون أثر”.

وتضيف: “تأثير هذه الكلمات يختلف من شخص لآخر حسب مستوى هشاشته النفسية، لكن الثابت أن الشخص الذي يتعرض باستمرار للتجريح أو السب أو القذف يتأثر حتما. البعض قد يختار الانسحاب أو توقيف خاصية التعليقات، والبعض الآخر يواصل التفاعل رغم الأذى، خاصة من صانعي المحتوى الذين يرتبط ظهورهم بدخل شهري أو التزامات مهنية”.

وتحذر المرابطي من أن “ضغط التعليقات السلبية لا يؤثر فقط على صاحب المحتوى، بل ينعكس أيضا على محيطه القريب، من أسر وأزواج وأبناء. فالإنسان يُكوّن صورته عن نفسه من خلال رؤيته الذاتية، ورأي الآخرين فيه أي نظرة المجتمع الخارجي، ما يجعل الكلمة أداة فاعلة في تشكيل هذه الصورة، سلبا أو إيجابا”.

وأضافت قائلة: “الشخص حينما يعرض نفسه في مواقع التواصل الاجتماعي فهو يعي جيدا طبيعة المجتمع، فإما أن يتقبل هذه التعليقات أو يوقفها”. وهذا النوع من التأثير، تضيف الباحثة في علم النفس، رغم أنه غير ملموس، إلا أن آثاره تظهر بوضوح في سلوك الأفراد ومشاعرهم. فالكلمات التي تُقال باستخفاف، أو تلك التي تحمل سخرية أو انتقاصًا، يمكن أن تتحوّل إلى عبء نفسي حقيقي، خاصة إذا تكررت أو جاءت في لحظات ضعف.

المصدر: مدار 21