اكتشاف جليد بلورى فى الفضاء.. دراسة جديدة تكشف عن بنية مخفية للجليد الكونى

اكتشاف جليد بلورى فى الفضاء.. دراسة جديدة تكشف عن بنية مخفية للجليد الكونى

في اكتشاف يُعيد تشكيل فهمنا لتكوين الجليد في أعماق الكون، كشفت دراسة جديدة أجراها باحثون من جامعة كوليدج لندن وجامعة كمبردج أن الجليد المنتشر في الفضاء قد لا يكون عشوائى البنية كما كان يُعتقد، فبينما كان الاعتقاد السائد أن الجليد في الفضاء يتكوّن في صورة صلبة زجاجية لا شكل لها (أمورفي)، تُظهر النتائج الجديدة أن هذا الجليد يحتوى على حبيبات بلورية دقيقة، ما يغيّر النظرة العلمية السابقة كليًا.

جليد بلورى فى الفضاء بدلًا من الجليد العشوائى

يُغطّي الجليد سطوح العديد من الأجسام في النظام الشمسي الخارجي، مثل قمر المشتري جانيميد، وكذلك حبيبات الغبار بين النجوم. وعلى الأرض، يتجمد الماء في شبكة بلورية منتظمة، لكن في درجات الحرارة الشديدة الانخفاض في الفضاء، كان يُفترض أن الجليد يتكون في شكل عشوائي تمامًا.

إلا أن الدراسة، التي اعتمدت على محاكاة حاسوبية متقدمة وتجارب أشعة سينية، أظهرت أن الجليد منخفض الكثافة في الفضاء يحتوي على نسبة تتراوح بين 20 إلى 25% من البنية البلورية، ما يُعدّ تحولًا كبيرًا في المفهوم العلمي السائد.

محاكاة تكشف عن نانوبُنى بلورية

بحسب الدراسة، قام الباحثون بمحاكاة تجميد الماء الافتراضي عند درجة حرارة –120 درجة مئوية بسرعات مختلفة، مما أدى إلى تكوين نماذج “مكعبات جليد” تراوحت بنيتها بين العشوائية التامة والجزئية،
وأظهرت النتائج أن الهياكل التي تحتوي على 16–19% من جزيئات الماء في مجموعات بلورية صغيرة تطابق البيانات الفعلية المسجلة لأشعة X لجليد الفضاء منخفض الكثافة.

وفي محاكاة أخرى، تم حزم آلاف الحبيبات الجليدية الصغيرة معًا، في حين وُزعت بقية الجزيئات بشكل عشوائي، ما نتج عنه جليد بنسبة 25% بلوري، لكنه لا يزال يعكس نمط الانحراف المعروف علميًا.

تجارب مخبرية تدعم النتائج

لم تقتصر الدراسة على النماذج النظرية، بل قام الفريق أيضًا بإنتاج جليد منخفض الكثافة في المختبر عبر ترسيب البخار والضغط الخفيف، وعند تسخين هذه العينات ببطء، لتبدأ فى التبلور، ظهر أن الجليد يحتفظ بـ”ذاكرة” لطريقة تشكله، ما يدعم فرضية وجود نظام داخلى حتى فى الجليد غير المتبلور.

آثار واسعة على فهم الكواكب والحياة

ترى الدراسة أن هذه النتائج توفّر “أفضل تصور حتى الآن لشكل الجليد الأكثر شيوعًا في الكون على المستوى الذري”، وهو أمر أساسى لنمذجة تكوّن الكواكب والمجرات.

كما أن لهذا الاكتشاف أهمية فى نظريات نشأة الحياة، حيث يُعتقد أن الجليد العشوائي يمكنه احتواء الجزيئات العضوية مثل الأحماض الأمينية، بينما قد تكون البنية البلورية أكثر انغلاقًا وأقل قدرة على حفظ هذه المركبات الحيوية.

مع ذلك، يؤكد الباحث د. ديفيز أن “جيوبًا من الجليد غير المتبلور ما زالت موجودة”، مما يُبقي احتمال احتواء المذنبات وغبار الفضاء على مركبات عضوية قائمًا في تلك المناطق غير المنتظمة.


المصدر: اليوم السابع