السكوري يضع تحديات تقنين “العمل عن بُعد” على طاولة إصلاح مدونة الشغل

السكوري يضع تحديات تقنين “العمل عن بُعد” على طاولة إصلاح مدونة الشغل

يقع نمط العمل عن بعد، الذي انتشر إثر جائحة كوفيد19، في صلب التفكير الجاري حاليا بشأن الإصلاحات المرتقب إدخالها على مدونة الشغل المغربية. غير أن الوزير يونس السكوري كشف عن بعض التحديات التي تحتاج إلى تفكير عميق من أجل تقنين هذا العمل بما يضمن حقوق الأجراء والمقاولات على حد سواء.

وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، الذي كان يتحدث خلال مائدة مستديرة من تنظيم مؤسسة “Médias24″، أمس الخميس، حول موضوع إصلاح مدونة الشغل؛ استعرض العوائق التي تجعل تقنين العمل عن بعد موضوعاً معقداً؛ “العائق الأول هو أن العمل عن بُعد يجب ألا يُستعمل أو يُوظف لكي يتم الضغط به على الأجراء، أو لدفعهم للعمل خارج أوقات العمل القانونية أو أكثر مما ينبغي؛ لأن التجاوزات أو المخاطر المرتبطة بالعمل عن بُعد هي أولًا من هذا النوع” وفقا للسكوري.

وأضاف الوزير: “كلنا تقريبًا اشتغلنا عن بُعد بطريقة أو بأخرى خلال جائحة كوفيد-19، ووجدنا أنفسنا في كثير من الأحيان نواصل العمل لساعات طويلة دون توقف”، مستطرداً؛ “عندما تكون مسؤولًا أو متحفزًا يمكنك أن تسمح لنفسك بذلك، لكن هناك أشخاص لديهم علاقة أخرى مع العمل، ويجب أن تتاح لهم إمكانية التوقف”.

وتابع الوزير بأن الشق الثاني في مسألة العمل عن بعد، هو ظروف العمل و”نحن نتحدث عن تغيير عميق في نموذج العمل، حيث صار العامل يساهم في تشكيل ظروف العمل التي كان رب العمل مسؤولًا عنها بالكامل سابقًا”.

“في هذا الشأن، ينبغي فعلًا أن تتمكن التشريعات من إرساء معايير ومراجع دون أن توقع المؤسسات والقطاعات في فخ الجمود بسبب تلك المعايير. هذه هي الغلطة التي يجب ألا نقع فيها: أن نقول يجب القيام بكذا ومن لا يفعل ذلك فهو مخالف للقانون”. يقول السكوري مضيفاً “يجب أن نفهم أن التشريع في مثل هذه المواضيع لا يعني تحديد الشروط بشكل ثابت، وإنما تقديم مسارات وهوامش تتيح لمن يريد التكيف أن يفعل ذلك”.

وفي شق ثالث، اعتبر السكوري أن هذا الموضوع المرتبط بالعمل عن بُعد يجب أن يكون له أيضًا بُعد ضريبي واقتصادي. “ضريبي من حيث كيف ننظر إلى العمل عن بُعد، لأنه عمل يحقق توفيرات كبيرة للمجتمع من حيث البصمة الكربونية، وتقليل التنقلات، وغيرها، وكذلك بالنسبة للمؤسسة”.

واعتبر السكوري أن “إدراج كل هذا ضمن نموذج اقتصادي مع بُعد ضريبي أمر أساسي، وإلا فإن مدونة الشغل أو التعديلات التي ستجرى لن يكون لها سوى أثر تجميلي”.

وخلص السكوري إلى أنه ولكون أسس العمل عن بُعد، أن يكون موجهًا فقط للشركات والمؤسسات الموجودة بالمغرب، بل أيضًا في الخارج، لا سيما في المناطق التي لا تتوفر حاليًا على استثمارات كبيرة، لكن فيها مهندسين وأشخاصا مؤهلين جدًا يمكنهم العيش بتكلفة أقل والبقاء بجوار عائلاتهم لتحقيق ذلك التوازن.

وقال إنه في هذا الصدد، “سيتعين علينا أيضًا أن نتحدث عن مدة العمل. هل ستكون سنوية؟ أم يمكن العمل بنظام أسبوعي؟ هل يمكن أن تكون هناك هوامش؟ يجب وضع معايير ثم ترك الخيار للمتعاقدين.

“كل هذه الأمور يمكن أن نبذل فيها جهدًا، لأنها أرقام وواقع ملموس، أما الصعوبة فستكون في الحاجة إلى عبقرية جماعية لإجراء تفكير عميق جدًا حول كيفية المراقبة، وكيف سنضمن أننا ونحن نتبنى نموذجًا مجتمعيًا جديدًا قائمًا على اقتصاد المعرفة، سنكفل في الوقت ذاته الحقوق الأساسية للأفراد. وهذه مهمة سيادية للدولة”.

المصدر: مدار 21